Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
أ

معلم، مبتكر نموذج آسك لاكتشاف هوايات الطلاب

مدة القراءة: دقيقة واحدة

بين مناخات الإتاحة وعقليات الكبت

ملخص المقال: "إن الإتاحة والحرية ليست منة أو منحة، بل ليست مجرد حق، وإنما هي المناخ الطبيعي وكل ما يضادها، فليس بدائم ومصيره إلى زوال"

بحسب الباحثين في الحضارات ودارسي تأريخ الأمم، فإن انهيار الامبراطوريات وزوال الدول ليس بالأمر العسير من ناحية تصوره ذهنيا وتوقع حدوثه واقعا؛ وإن ما نراه ماثلا أمامنا فإنه في غالب الأحيان نسخة مكبرة لما نرسمه في أذهاننا أو بالأحرى ما يتم رسمه في عقولنا دون وعي منا بطبيعة السياق. وما يبدو للمهتم من صور الصراع بين مناخات الإتاحة وعقليات الكبت ليس بمنأى عن المقدمة السالفة.

إن ما يبدو من تقابل بين الإتاحة والمنع ليس صحيحا على إطلاقه، وإن كان من تقابل فلا يعدو دائرة اللغة فقط؛ وما ذلك إلا لاختلافهما الموغل في التباعد. إن الإتاحة ويمكننا التعبير عنها بالحرية، ليست حالة طارئة أو منحة، وليست منة من طرف على آخر.. لكنها، وحسب ما توحيه اللغة نفسها، الحالة الطبيعية المفترضة، والمناخ الصحي الصحيح، وإن كان تناولها عسيرا نظريا، فضلا عن المطالبة بها لفظا، أو الوصول إليها واقعا.

وصفت الإتاحة بالمناخ؛ إذ إنه قوة مشاهدة لا يهتم العقلاء بمقاومتها عادة، لكنهم يبذلون كل المتاح للتأقلم معها، بل وتوظيفها ما أمكنهم ذلك. إن عاصفة واحدة ثلجية كانت أو غبارية، كفيلة بتغيير جداول أضخم المطارات وتعطيل مئات الرحلات الجوية مهما كانت أهميتها وأوزانها..

إن دورات الإتاحة أشبه ما تكون بدورات المناخ نفسه؛ يدور ويتقلب ويتنوع لكنه ليس سوى مناخ غير قابل للرفض؛ لأنه هو الحقيقة والقوة والواقع وإن تسامح أو تناءى أو تظاهر بالغياب. ومما يجدر بجيل التقنيات والوسائط ملاحظته وقراءة خلفياته، أن ما صنعته قنوات التواصل الاجتماعي من إتاحات مبهرة غير مسبوقة، لم يكن إلا حلقة بارزة في دورة إتاحات أكبر صنعتها بيئة تعليمية معينة ذات إتاحات أكبر أيضا.. وما تلك البيئة إلا منتجا شرعيا لبيئة اجتماعية أكثر نضجا وأوفر إتاحات وحرية.

إن ما يبقى عادة ليس الطارئ وما أجمل اللغة نفسها حين تنقش على قلبك إيحاء الكلمة قبل أن يدرك العقل معناها. وما دام الطارئ زائلا، فإن ما يبقى ويقيم وينمو هو الطبيعي والملائم لسير الحياة وطبائع الأحياء.

لم يكن لمطوري الخوارزميات والدوال وأنظمة الحاسوب نوايا مبيته لرفد ميدان الإعلام بإتاحات أفضل.. وبنفس القدر لم يجل بخواطر خبراء الكرة ومنظمي اللعبة أن تصبح ميادينها ساحات للبحث عن إتاحات، أو منصات لرسم مواقف. أن تقابل قطر كلا من الإمارات والسعودية في كأس قارية، أو تباري إيران الولايات المتحدة في لقاءات ودية، ليس سوى تفاعل رياضي عادي حسبما توفره اللعبة من إتاحات.. لكنه ليس كذلك بالطبع، حين تتخلل مناخاتنا عقليات الكبت.

وعلى ذكر الكرة والتنافس، فإن المباراة ستستمر سجالا بين الإتاحة والكبت وإن كانا من قارتين مختلفتين ويمارس كل منهما لعبة مختلفة تماما عن لعبة الآخر. إن الإتاحة مناخ، أما الكبت فعقلية توشك أن تذبل وينقطع نسلها وتميل بهدوء إلى الانقراض.


أ

معلم، مبتكر نموذج آسك لاكتشاف هوايات الطلاب

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين