Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
أ

• أكتب من نيوزلندا • درست التسويق في جامعة Auckland University of Technology - AUT

مدة القراءة: دقيقة واحدة

مشاهدات من أوكلاند (1): متجر الملابس والبائع الغريب!

Image title

هذه بعض من سلسلة التدوينات الأسبوعية التي كتبتها عام 2011 أثناء دراستي لمرحلة اللغة الإنجليزية في مدينة أوكلاند في نيوزلندا قبل الخوض في الدراسة الجامعية هناك، نشرتها في وقتها في صفحة الفيسبوك.

( 1 )

قبل يومين تقريبا، وبعد ما انتهى اليوم الدراسي في المعهد، ذهبت لأشتري بعض الملابس لفصل الشتاء الذي تبدو بوادر قدومه واضحه. دخلت متجرًا خاصًا بالملابس الرياضية، وأثناء تجوالي في الداخل إذ بأحد العاملين فيه قادمًا إليّ! وكعادة من يعمل في المتاجر هُنا، يأتون للزبائن فور دخولهم ويسألونهم عن ماذا يرغبون من ملابس. فأتاني رجل وهو أحد العاملين في المتجر يبلغ الثمانية والعشرون تقريباً، قمحيّ اللون، طويل وليس سمينًا ولا يظهر على ملامحه أنه من أهل البلد! فسألني ثمّ أجبته وشكرته، فنظر إليّ مستغربًا وكأنّه يحاول إيجاد شيءٍ في وجهي، ثمّ سألني بالإنجليزية طبعًا: من أي بلد أنت؟ فأجبته: ماذا تتوقع من أي البلدان أنا! 

فقال بالعربية وبالعاميّة أيضًا وبلهجة أهل نجد: أنت سعودي؟! فذهلت منه ولم أصدق ما أذناي، فكيف يتكلم العربية في هذا البلد والأدهى من ذلك كيف تكلم بلهجة أهل الرياض تحديدًا!! فقلت والدهشة لا تفارق محيايّ: نعم أنا سعودي، وأنت؟

فقال: أنا سعودي وأعمل في هذا المتجر وأعيش هنا قرابة الستة سنوات! استغربت من الأمر، فليس الغريب أن تقابل سعوديًا هنا وليس الغريب أن يتكلم بالعربية! ولكن الغريب أنه في ريعان شبابه ويعمل هنا في متجر صغير يقبض لأجله 200 دولار في الاسبوع، أي ما يعادل 600 ريال. ليس هذا فحسب، بل إنه يعيش هنا 6 سنوات تاركًا أهله وموطنه! وأين؟ في نيوزلندا التي تبعد عن الأراضي السعودية يوم كامل في الطائرة! فهو لا يدرس هنا كالمبتعثين السعوديين كما أخبرني وإنما يعمل هنا بتأشيرة عمل، ويقول أنه سيحصل على الجواز النيوزلندي قريبًا! تكلمنا قرابة العشر دقائق، يكلمني بالعربية ثم يكمل بالإنجليزية.. ثمّ يعود ويتكلم بالعربية ثم ينتقل للإنجليزية مرة أخرى !! أمره حيّرني كثيرًا، ويبدو أنه لم يتكلم بالعربية منذ مدّة أو أنّه قليل الكلام بالعربية، لذلك لا يلبث إلا ويعود للحديث بالإنجليزية مرةً أخرى. 

على كل حال انتهى حديثنا حيث دخل بعض الزبائن وكان لزامًا عليه أن يذهب لهم، فشكرني وشكرته. خرجت من المتجر، وأنا منّدهش ولم أكمل ما ذهبت لأجله، فركبت الحافلة وتوجهت للبيت! وانتهى يومي وأنا أفكر بذلك.. ما الذي دعى هذا الشاب ليترك العيش في السعودية بين أهله وأقاربه ويهاجر لبلدٍ بعيد جداً لكي يعمل هناك في متجر كهذا؟! ليست للدراسة وليست للزيارة وإنما الاقامة الدائمة هناك! 

_____

الصورة: الشارع الذي يمر من خلال المتجر المذكور آنفًا.


أ

• أكتب من نيوزلندا • درست التسويق في جامعة Auckland University of Technology - AUT

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين