Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
ع
عبدالرحمن

وماتوفيقي إلا بالله .. منه أرجو التوفيق وأسأله المزيد .

مدة القراءة: دقيقة واحدة

سـطــور في سـورة الـطـــور .

Image title


سنبحر وإياكم في التأمل في هذه السورة المكية والتي عدد آياتها 49 .

وَالطُّورِ (1) هو الجبل بمدين الذي كلم الله فيه موسى تكليما .. واعلم سددك الله ورعاك أن لفظ الجبل في القرآن إذا ورد في آية ما , فإن السياق يتحدث عن أمر عظيم , وتأمل في آي القران لتدرك ذلك

( وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) ( قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل ) ( قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) ( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة ) وغيره من الآيات .

وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) أي مكــتوب وهو القرآن يقرؤه المؤمنون من المصاحف .

فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) الرق هو مارقق من الجلد ليكتب به والمنشور أي المبسوط .

 وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) قال علي وابن عباس وغيرهما: هو بيت في السماء حيال الكعبة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم يخرجون منه فلا يعودون إليه. قال علي رضي الله عنه: هو بيت في السماء السادسة. وقيل هو الكعبة المشرفة .

وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)  أي السماء قال الله ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا )  .

وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) أي المملوء  .

إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) أي إنه لمتحقق 

روى أحمد بن حنبل عن جبير بن مطعم قال : قدمت المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأكلمه في أسارى بدر فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ ( والطور ) إلى إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع فكأنما صدع قلبي ، وفي رواية : فأسلمت خوفا من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب .


 يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) قال ابن عباس: تمور السماء يومئذ بما فيها وتضطرب.

وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) قال مقاتل: تسير عن أماكنها حتى تستوي بالأرض.

فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) هذا جزاء لعبهم وتكذيبهم ؛ وتأمل في اهانتهم ودفعهم بظهورهم إلى العذاب , فالكافر يدفع بظهره إلى جهنم وهذه مبالغة في الاهانة له والتنكيل به .

أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) كانوا يقولون في الدنيا ( إن هذا إلا سحر مبين ) والأن بعدما رأيتم العذاب هل هو سحر أم حقيقة ؟ .

اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) الصبر في هذا الموطن لايفيد أعاذنا الله من جهنم . . لأنه سواء صبروا أم لم يصبروا فالعذاب واقع بهم لامحالة , وتأمل حينما يساق المحكوم عليه إلى المشنقة ليعدم ؛ أي مشاعر يتخذها قبل تنفيذ الإعدام فإنها لاتجدي سواء ضحك أم بكى فالحكم نافذ . وهذا حال الكفار في جهنم فصبرهم أو جزعهم واحد ( وماظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) .

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) شتان بين الفريقين .. المتقون هم الذين اتقوا أن يعصوا ربهم ؛ ومن عادة اسلوب القرآن أنه إذا ذكر أهل النار ذكر بعدهم أهل الجنة والعكس من باب التنويع بين البشارة والنذارة ( في جنات ونعيم ) النعيم هو نعيمٌ جسدي ونفسي ؛ داخلي وخارجي معاً وهذه نتائج وثمرة العمل الصالح .نسأل الله من فضله .

(فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (18) أي ذوي فاكهة كثيرة، يقال: رجل فاكه أي ذو فاكهة، كما يقال: لابن وتامر، أي ذو لبن وتمر . وقرأ الحسن وغيره: (فكهين) بغير ألف ومعناه معجبين ناعمين. يعني سعداء بما أعطاهم ربهم .

كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) أي حلالاً طيباً لا أذى ولاتنغيص فيه ولايزول ولايحول .

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)

هذا يجلي لنا كرم أكرم الأكرميـن حيث أتم لأهل الجنة ماتقر به أعينهم من جمع الأباء بأبناءهم ,وألحق الناقص بالكامل ؛ ويبين لنا أن أعظم مشروع دنيوي وأخروي هو تنشئة الأباء وإصلاحهم لأبناءهم .. إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر منهم ( ولد صالح يدعــو له ) وفي الحديث خير كسب الرجل ولده . فإن التعب الذي يلاقيه الأب في استصلاح ابنه ثمرته عظيمة ؛ أن يجمعه الله به في الجنة أو يكون ابنه سببا لرفعة درجة والده في الآخرة فكل أعمال هذا الابن أجرها يكون لوالديـه الذان ربوه على الهدى والصـلاح .

( وما ألتناهم ) أي وما نقص من أجور الأبناء شيئا .

 (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) أي مرهون بعمله , ورهيـن على وزن فعيل وتكون مفعول أو فاعل فيقال فلان قتيل أي مقتول , ويقال رب رحيم أي راحم .. وفي هذه الآية أي مرهون .

 وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) قيل: هم أولاد المشركين وهم خدم أهل الجنة. وليس في الجنة نصب ولا حاجة إلى خدمة، ولكنه أخبر بأنهم على نهاية النعيم. وعن عائشة رضي الله عنها: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدمه فيجيبه ألف كلهم لبيك لبيك».

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)

المقصود أن أهل الجنة يتحدثون فيما بينهم عمالاقوه في الدنيا من تعب ونصب , وكانوا على تخوف من المصير والعاقبة ؛ وأن هذا الخوف والقلق كانت نهايته المغفرة والجنة بمنة من الله وفضلاا .

( الســموم ) اسم من أسماء النار .

إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) البرّ اسم من أسماء الله تعالى أي البر بعباده العطوف عليهم، المحسن إليهم، عمَّ بره جميع خلقه، فلم يبخل عليهم برزقه وهو البر بالمحسن في مضاعفة الثواب له، والبر بالمسيء في الصفح والتجاوز عنه


أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) وفي تفسير سورة الطور من صحيح البخاري عن جبير بن مطعم قال سمعت النبيء يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون كاد قلبي أن يطير . وكان جبير بن مطعم مشركا قدم على النبيء - صلى الله عليه وسلم - في فداء أسرى بدر وأسلم يومئذ .

وهذه الآية رد على الملاحدة , فالعقل والفطرة تأبى أن يكونوا خلقوا من غير شيء , أو أنهم خلقوا أنفسهم بأنفسهم , فهذا الكون لابد له من خالق ومحدث .

أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أي جهة في هذا الأرض كافرة أو ملحدة تستطيـع أن تدعي أنها خلقت الشمس القمر والنجوم والسماء والأرض لا أحد يدعي ذلك .

 أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) وهل إذا شحت السماء بالمطر وأجدبت الأرض هل تستطيـع لجنةٌ في الأرض أن تقوم باستنزال المطر أو انبات الأرض ؟! هل يملكون خزائن السماء ؟

(أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) الله وحده هو المسيطر وله القوة المطلقة , مهما بلغ التقدم في العالم كله على جمـيع المستويات فإن السيطرة تبقى لله وحده . . يحارُ العالم أمام كثير من الفيروسات والأمراض ؛ لايجدوا لها علاجا ! لايُسْكنوا زلزالا ؛و لايخمدوا بركانا ؛ لايردوا إعصارا مدمرا , ولايُقفوا موجا بحريا عاتيا ؛ قد تفسد محاصيل زراعية بسبب حشرة الجراد ؛ أو تتلف النباتات بسبب صقيـع .. هل للعالم سيطرة على هذه الأشياء ؛ والأمثلة كثيرة جداً فسبحان الله عما يشركون .

أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) كانت العرب في جاهليتها تحتقر البنات ؛ ( وإذا المؤدة سئلت بأي ذنبِ قتلت ) ويزعمون أنهم بنات الله ؛ والآية تسفيه لأحلامهم وتقريع وتوبيخ لهم! أتنسبون لله البنات مع أنفتكم منهنَّ ؛ ومن كان هذا عقله فلا يستبعد منه إنكار البعث والنشور .

(39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)

يعني هل تسألهم أجرً ومالاً على تبليغ هذه الرسالة فهم بهذا المغرم الذي تطلبهم مثقلون ومجهدون!؟

(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) قال ابن عباس: أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس بما فيه. هل تستطيـع جهة أرضية أن تكتشف الغيب ؟ انهيارات مالية اقتصادية صُدم العالم بحدوثها ولم يتنبأ أحدٌ بها .

أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)

أي مكروا بك في دار الندوة. (فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) أي الممكور بهم (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) وذلك أنهم قتلوا ببدر.

(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ) يخلق ويرزق ويمنع. (سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) نزه نفسه أن يكون له شريك.

قال الخليل: كل ما في سورة والطور من ذكر {أم} فكلمة استفهام وليس بعطف.

وقال بعض أهل العلم , لايوجد في كتاب الله مجموعة آيات متتابعة تطرح الشبهات وترد عليها كلها مجتمعة كما ورد في سورة الطور .

(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (48)

لماذا نصبر ؟ لماذا يطالب المؤمن بالصبر ؟ لأنه يعرف الله ؛ معرفتك لله هو زادك في الصبر على الشدائد لأنك تعلم يقينا أن الله لايختار لك إلا  الأصلح ففي الحديث ( إن أمر المؤمن كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) لذا على سبيل المثال الرجل العاقل حينما يصاب بمرض أو علة فإنه يصبر على مبضع الجراح وعلى مرارة علاج الطبيب ؛ لأنه يعلم أن العاقبة فيها راحة له ؛ وكذلك المؤمن إذا نزلت بها نازلة أو بلية فيصبر ويتصبر لأنه يعلم أن الفوز والمكسب حليفه بإذن الله . ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .

(فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) أي بحراسة الله وإحاطته ولكل مؤمن نصيب من عناية الله وإحاطته بقدر إيمانه .

(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) يرى بعض أهل العلم أن المرء كلما أراد أن يقوم بعمل ما ؛ فإنه يكثر من التسبيح .

وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49) عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إِدْبارَ النُّجُومِ الركعتان قبل الفجر وإدبار السجود الركعتان بعد المغرب»

هذا والله أعلى وأعلم ورد العلم إليه أسلم وصلّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد .


ع
عبدالرحمن

وماتوفيقي إلا بالله .. منه أرجو التوفيق وأسأله المزيد .

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين