Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
غ

قارئة، كاتبة، مستمرة في التعلم ، واكتساب المعرفة، وصولا إلى حياة الحكمة

مدة القراءة: دقيقة واحدة

العبور على أكوام الأفكار

بالأمس كان موعدنا الشهري في نادي القراءة لمناقشة كتاب الشهر . (أشارك في النادي منذ عدة سنوات) 

وبعيدا عن ذكر اسم الكتاب، غير أني انتبهت إلى أن فعل القراءة لم يعد فعلا مستقرا كما كنا نؤمن على مدى السنوات الطويلة! منذ مراحل بناء المهارات الأولى للطفل، نقرر في وعيه أن القراءة نقطة استقرار تلم شعث عقله حين يستحيل على هذا العقل أن يتفاهم والعالم المحيط به. 

لا شك أن فوائد القراءة النفسية والذهنية أكثر من أن تضمها تدوينة، وما نزال نؤمن بها، وننتظر اكتشاف المزيد منها. 

إلا أن ما صار يستجد مع "السلوكيات القراءة" ؛ يشدنا إلى القاع من ظنوننا الحسنة حولها. في القراءة ما يجعلك تؤمن بالفكرة وضدها- بالقدر ذاته- ولكن ما وراء محض الفكرة يأتي العقل، فهل نستطيع أن نتعايش مع عقل يقرر الشيء ونقيضه - وأيضا بذات الحجة-؟!

حين تجعل العقول من نفسها "لعبة"بيد الأفكار، عوض أن تكون محضنا تنمو فيه، نكون قد وصلنا إلى الجنون الأكاديمي بحق! إن التفلّت من الاتزان المعرفي لا يقل خطورة عن الخرافة الجاهلية، بل لعله أعظم وبالا على الجماعة البشرية.  ذلك أن المعرفة من المرتكزات في ضبط حركة التفاعلات الطافحة عن اختلافات الاهتمامات المعيشية، أما أن تصبح المعرفة بذاتها سبب الفوضى، بل وأكثر ، أن يفقد العقل رغبته في أن يصبح معرفيا أو متحليا بمهارة اكتساب المعرفة، نظرا لما انتهى إليه من صراعات أشعلتها المعرفة بوسيلة القراءة.

القراءة التي تجعل العقل يكتسب الثقة بنفسه، ما تزال هوة خطرة تشهد انقلاب الثقافة على قيمتها في تطور الإنسان.  إنها ليست المرونة الفكرية، ولا الأريحية النفسية، ولا اتساع الأفق لفهم الجديد؛ مطلقا، إنما أن نقرأ بسلوك العابر لا المقيم.

العبور أن تجعل الفكرة تعبر عقلك دون أن تقيم أنت فيها، فالمكتوب يصبح منفيا بمجرد خروجه من عقل صاحبه، وليس من حقه حينها أن يجد موطنا في عقل القارئ القادم. 

صارت القراءة التي تصر على أن تصبح "ساكنة" تسبب الضيق والكآبة والسوداوية، لأنها تفرض الإيمان بما هويته خارجة عن معايير المطلَق، فلا الفكرة مطلَقة، ولا الشعور مطلَق، ولا جهد الكاتب بمطلَق، وفي المحصلة ليس فعل القراءة في ذاته مطلَقا. 

اعبروا من خلال القراءة ولا تستوطنوها فيموت فيكم حصادها. 

-------------

Photo by Road Trip with Raj on Unsplash


غ

قارئة، كاتبة، مستمرة في التعلم ، واكتساب المعرفة، وصولا إلى حياة الحكمة

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين