Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
ث
ثـۆرة ۦ'

🌾وَإِنِّي أُزْهِرُ ما اِسْتَطَعْتُ سَبِيلا🌾 🍂 🎀لا أَبْرَحُ حتَّى أَبْلُغَ🎀 🌼

مدة القراءة: دقيقة واحدة

"مشنقة الفكرة" والمسيرة الأكاديمية للطالب الجامعي (الجزء الأول: تأطير المشكلة)

ككل عام جامعي ، وبنهاية كل فصل دراسي يكثر القيل و القال بين الطلبة (وربما حتى الاحتجاجات بأشكالها) بعد استظهار علاماتهم غير المرضية بتاتا...
لو قرّبنا المنظار أكثر لنفتش عن سبب موجة الإضطراب هاته بعيدا عما يتداوله الطلبة فيما بينهم أو حتى الأساتذة فربما قد تكون الشوكة أعمق مما يظهر ...

حاولت أن أدقق في هذا الموضوع ... فكّرت وتحسست الأمر بين زملائي خلال الفصل المنصرم...فوجدت - من وجهة نظري - أن أصل كل هذا الإضطراب المعهود بخصوص العلامات والأساتذة من طرف الطلبة ما هو إلا "فكرة" ... أجل لأن تفكيرنا يؤسس واقعنا ، الفكرة الواحدة إن اعتقدناها فهي إما أن تبنينا أو تحطمنا ... من هذا المنطلق يمكن تفسير ما يحصل:

*الفكرة الأولى: الكثير من الطلبة قبل ولوجهم المرحلة الجامعية أو قبل اجتيازهم الإمتحانات ينصاعون لآراء ونصائح سابقيهم(الطلبة) وتقتنع ذواتهم بذلك مهما كانت نصائحهم ، وبالطبع الفكرة الرائجة أو التي يروج لها أغلب هؤلاء أن الأساتذة (الجامعيين)يحقدون ويظلمون الطلبة بخصوص علامات الإمتحانات، أو أن أسئلتهم تكون تعجيزية خارج ما تم تناوله في المحاضرة مثلا... وتسيطر هذه الأفكار على عقول البقية فتجدهم قبيل الإمتحانات مستسلمين ، لماذا؟ يقولون : الأستاذ الفلاني أسئلة إمتحاناته خارج المعقول وخارج مضمون المحاضرة فلماذا أتعب نفسي؟(أو ربما هذا حديثهم عن كل الأساتذة، فهل يعقل تجسد هذه الخصلة في الكل؟!) أو يقولون أن الأستاذ الفلاني لا يؤتمن على علامة الطالب ولا يعطيه حقه أو أنه لا يصحح الأوراق أصلا... حتى ولنفرض كما حصل أن بعضهم يبدأ بالمذاكرة ويجتهد ليحصّل في الإمتحانات التي يظن أنها خارج المعقول، لكن الحقيقة السيكولوجية تقول عكس ذلك لأن عقله يعمل على تصديق ذلك و يكون مقتنعا تماما بـ"أن لا فائدة من مذاكرته" حتى وإن لم يصرح لسانه بذلك بالتالي لن يبذل الجهد المطلوب أو لن يسلك الطريقة الصحيحة - مهما ظن ذلك - تلقائيا خاضعا لما يفرضه عقله وتفكيره لا هو -وإن حاول ذلك-، أو أنّ إجابته لن تكون سديدة لأن عقله يصوّر الأسئلة في صورة معقدة رغم بساطتها أو رغم امتلاكه المعلومات الصحيحة نتيجة لفكرة سابقة أو لأسباب أخرى... في النهاية لا يفتش في نفسه عن تفسير لنتائجه حتى وإن كان السبب خارج نطاق الفكرة فيما يخص سداد معلوماته أو منهجيته لأنه مقتنع بنفسه وبفكرته بأنه ظُلم وما إلى ذلك،خاصةً وأن جميع من حوله يعتقد بهذا .
وكل الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا الموضع لن يجيب عنها أحد سوى أن المنطق يرفض اعتقاداتهم ، ولو تساءلنا عن مصدر هذه الإشاعات في نفوس محدثيها فإني أتصور أن مردّ ذلك إلى تصور آخر خاطئ و فهم مغلوط في المنهجية الأكاديمية .

إستدراك: لنفترض أنني كطالب أستمع إلى نصائح من سبقوني من طلبة في الدرب وما يروجونه ، الأولى أن آخذ كلامهم على محمل التجربة والإحتمال والحذر لا على سبيل اليقين فأكون ضحية كلامهم الذي ربما نتج أيضا عن تفسير خاطئ منهم لما حدث آنذاك، لأن تجربتي و الأيام الفاصلة هي من ستؤكد ذلك أو تفنده ،وخلال هذا وذاك لماذا لا أسأل نفسي بعض الأسئلة: لماذا لا يقدم الأستاذ كل المعلومات في المحاضرة أو يقدمها سطحيا ثم يطالبني بالتعمق فيها واكمالها في الإمتحان ؟ بالتأكيد لأن الهدف هو تكوين باحث ومجدد في العلم... وأسأل : لماذا لم آخذ العلامة الكاملة مثلا رغم أنني كتبت كل المعلومات؟ هل يعقل أن الأستاذ ظلمني وليس بيني وبينه شيء؟الإجابة هي: هل المعلومات التي وظفتها خادمة للسؤال؟ وهل هي كاملة ودقيقة ؟وهل منهجية إجابتي صحيحة ؟لربما كانت طريقتي خاطئة وفهمي لا يزال ناقصا فالأفضل تقييم وتقويم ذلك وسأصل المرة القادمة لأفضل من هذا لاشك!
ولنفترض مرة ثانية أن كل اعتقاداتهم السابقة صحيحة .إذًا ،لن أستسلم للفكرة ولو كانت صحيحة بل سأتحدى نفسي والجميع وحتى الأستاذ!

*الفكرة الثانية: وهي كذلك رائجة "لقد تعبتُ كثيرا ومع ذلك لم أحرز شيئا/لم أنـــل حقي"
في تصوري:

أولا:ليس كل من يتعب يعني أنه اجتهد وسيصل، فلكل شيء ميزان... قد أتعب وأنا لا أدرس بطريقة صحيحة أو على الطريق الصحيح أو بدون فهم مسبق فمثلا حفظي الببغائي للمعلومات لا يعني أنني استكملت مقياسا ما وأنا لم أعِ منه شيئا أو لا أعرف كيف سأصوغ معلوماتي ضمن إطار السؤال وبالطريقة العلمية المناسبة... هنالك فرق كبير بين من يجتهد فيَجهَد فيخفق وبين من يعمل بجهد أقل وذكاء أكبر فينجح...

ثانيا:ماهو المعيار الذي يتصوره هذا الطالب حتى يقول عن نفسه أنه قد اجتهد كثيرا وأُجهِد ؟
غلبها معايير لا تتوافق مع ما يجب على الطالب أو الباحث الجامعي بذله وبالكيفية الصحيحة، وليس التعب الآني لأسبوع الإمتحانات هو الذي يطبق عظمة هذا الجهد الذي يتصورونه كما يفعلون... ذواتهم مقتنعة بأن حفنة الشعير ستكفيهم في حين أنهم يهزلون يوما بعد يوم! ( هذا الكلام هو نتيجة لملاحظات واقعية)

ثالثا: من قال أن العلامة تقيّد بالجهد المبذول ؟ يقولون أن الأستاذ لم يقدر تعبنا...في رأيي إذا لم يكن الجهد يؤسس لعلمية الطالب فعليه وعلى تعبه السلام. العلامة تقيدبالإجابة الصحيحة على مستوياتها، ومن أخطأ فليؤسس لغلطته أساسا علميا قويما بتصحيحه وكذلك لطريقته ، فالنملة تسعى لإيصال ما غنمته إلى مسكنها لا أن تضيعه على الباب بعد مشقة الطريق وتدخل وتنادي أين حقي من المؤونة ؟

*الفكرة الثالثة: الطموح القاصر ، وشعوذة "المستحيل"
رغم رغبتهم في النجاح وقدراتهم الهائلة إلا أن هذا ما يردده الكثير: "المهم أن أنجو من الإستدراك ولو بمعدل 10.00 لأنه في الجامعة من المستحيل أن أتحصل على معدل جيد" أو " سأصل إلى مرحلة الليسانس وهذا كافٍ" ...نعم، وستوصله نفسه إلى أين يريد ولو طمح لأكثر من ذلك فسيصل ،وعلى فكرة.. نحن بهذا لن نحرر أوطانا مستبدة بل سنحرر ذواتنا من عبودية أنفسنا فقط ... ومسألة المستحيل تلك ،فإن كل إنجاز عظيم اليوم قيل عنه البارحة أنه مستحيل ... لا وجود للمستحيل بل يوجد " نعم أريد وأستطيع " أو " لا يمكنني ذلك" ...فكلما كان الطموح أكبر التهبت الهمة أكثر وصار التحقيق أقرب.

*الفكرة الرابعة : و هي على قدر انغراسها في نفوسهم أخطر : التحرر المطلق في الجامعة
ونحن تلاميذ في الثانوية كانوا يقولون لنا :" لا تفعلوا كذا وكذا وعندما تصلون للمرحلة الجامعية افعلوا ما شئتم " حتى ونحن في السنة الثالثة "البكالوريا" ارتادت على مسامعنا وخاصة مسامع أولئك الذي أوشكوا على اليأس والطيش مثل هذه العبارات " لم يتبق الكثير، تحصلوا على شهادة البكالوريا وبعدها ستتحررون ولن تتعبوا مجددا هكذا"
ظنوا بأنهم ( خاصة الأساتذة وإن كانت أقوالهم تفهم أحيانا على هوانا ) يحفزون البعض وينقذونهم من دائرة الفشل ولكن الحقيقة أنهم يخربون مستقبلهم وكأن آخر غايات المرء "شهادة ورقية" و الأدهى من ذلك أنهم بحديثهم ذاك وكأنهم يؤكدون أن آخر غاياته "شهادة البكالوريا" أو "مُسمّاها"وعلى ما بعدها السلام... وهكذا يخطو حامل شهادة البكالوريا خطواته الأولى إلى الجامعة متيَقّنا بنصره و أن زمن العلم و البذل ولّى مع تلك الشهادة والباقي يحكيه الواقع دون إطالة.

*الفكرة الخامسة: "إما أن أنجح دائما أو أنني فاشل"
للأسف هذا تصور النجاح عندالكثير ، يعني إما أن يكون ناجحا دائما باستمرار وفي كل شيء وكل مقياس وإما لا، (أي أنه فاشل). فهو يظن أن "إخفاقه" في مقياس ما أو مرحلة ما يستبد به ليكون "فاشلا دائما" كما يسمي نفسه ويقنعها بذلك حتى ينتقل فعلا إلى دائرة الفشل ...
النجاح الدائم ليس قانونا يُعاقَب عليه ... و إنما الحقيقة والشيء المؤكد هو- في رأيي- أن النجاح الحقيقي هو أن يمر الإنسان بفشل يليه فشل دون أن يستسلم ويفقد حماسته فينهض بعد كل سقطة نهوضا أعظم من سابقتها ... أما الإنسان الذي ينجح دائما فذلك بالنسبة لي لا يسمى نجاحا بل أسميه " وهم النجاح"... أجل سأسقط ، قد أعيد السنة وأنزل مرة أخرى إلى عمق القاع ، هذا لا يعني أني متشائم لكن المؤكد أنني سأنهض وقد أطير ولن أستسلم...

(يتبع)


ث
ثـۆرة ۦ'

🌾وَإِنِّي أُزْهِرُ ما اِسْتَطَعْتُ سَبِيلا🌾 🍂 🎀لا أَبْرَحُ حتَّى أَبْلُغَ🎀 🌼

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين