Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
ا

مدة القراءة: دقيقة واحدة

هموم الأمة وأزمة الهوية ح /2

Image title

هموم الأمة وأزمة الهوية ح /2

عباس عطيه عباس أبو غنيم

قلنا في الحلقة الماضية عن ذهاب الثقة لديهم وعيشهم ازدواجية ولو عدنا إلى الماضي لنجد الحاضر مليء بهذه النماذج وحتى مقولة الفرزدق عن الأمام الحسين (ع) قَالَ:  (مَا أَرَاكَ إِلَّا صَدَقْتَ، النَّاسُ عَبِيدُ الْمَالِ، وَ الدِّينُ لَغْوٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ بِهِ مَعَايِشُهُمْ، فَإِذَا مُحِّصُوا لِلِابْتِلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون  : بحار الأنوار) تدل على تصرف بعض شبابنا الذي يصف آيران والحشد الشعبي وغيره من أبطال المقاومة مما يعدهم ذيول دون تقديم الدليل على هذا سوى رفع الصوت عاليا .

هل نجد المنبر توعوي ؟

لو أطلعنا على المنبر وهمومه في ظل غياب الوعي لوجدنا كم من الهم يقدم المصلحة على هموم الأمة وهذا نجده جلي عبر القنوات وحتى مجالسنا تجدها لم تقدم سوى سيرة الرسول والأئمة (ع) دون العمل بها عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام(  قال : وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ).( مكارم الأخلاق ص421)ولن ترتقي أمة بطرح المفاهيم دون تطبيقها على ارض الواقع وعلى الخطباء أن ترتقي منبرها بعفة وسداد لكي تصل إلى هؤلاء عن أمير المؤمنين (ع) قال : (وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته)بحار الأنوار ج 77 ص 47 .

نحن إلى أين ذاهبون ؟

لم تزل الصراعات تدمي القلب ومن هذه الصراعات صراع أحزاب وكتل وهي قد أخذت من شعبنا وشبابنا الكم الهائل مما جعلت ساحاتها تصل إلى التهديد بالقتل لمن خالف الفكر الآخر قال الله تعالى (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ النحل 125)مما يجعل الأمة أكثر جدلاً ويعدها أكثر دموية ولن تحترم حرمة الدماء فيما بينها أن العقول التي تبث عبر بوابتها التصحر وجعلها ساحات صراع مادي وعرقي وقومي لتصدر من خلالها نار الفتنة بين ربوع شبابنا لهو الدليل على أن هذه الكتل والأحزاب صنيعة الغرب وأن لبست جلباب التدين (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن )ال عمران129 .

الشاعر: مشيناها خطىً كُتبت علينا * ومن كُتبت عليه خطىً مشاها

أن النظرة الثاقبة لهذا المشروع الذي يجعلنا في حال لا نحسد عليها وذهاب بعض شبابنا المسلم مهووس في تقليد الغرب مما تجد الأسئلة تطرق ابواب الماضي لتجد الحاضر أكثر ضياع من ماضينا وأن خرج منهم لقتل أبن بنت نبيهم لتجد هذا الفكر يطرح عبر القنوات والتواصل الاجتماعي عن الصادق (ع) قال : (بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليها المرجئة : فروع الكافي  ج6 ص46)دون حرج مما يجعلهم بعضهم البعض منا عملاء يمارسون الدور الذي لقن لهم .

من نحن يا ترى؟

هل نحن أمة محمد (ص) المبعوث رحمة للعالمين قال الصادق (ع) :(بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليها المرجئة )الكليني ج6ص47أم نحن قوم آخر وضعنا في آخر الزمان نعيش السباب والشتم دون قيود مما جعلنا معرقلين لماضينا المشرق ونكره التقدم بل حتى النهوض في قيمنا بتنا عاجزين عن حملها لماذا هذه التقهقر ( .

عليهم وضع الحلول المناسبة من حملة العلم والفضيلة وهم يحملون مشعل الريادة في حضرتنا قال موسى بن جعفر (عليه السلام): (وجدت علم الناس في أربع:
أولها: أن تعرف ربك ومفادها وجوب معرفة الله تعالى التي هي اللطف.
وثانيها: أن تعرف ما صنع بك من النعم التي يتعيّن عليك لأجلها الشكر والعبادة.
وثالثها: أن تعرف ما أراد منك: فيما أوجبه عليك وندبك إلى فعله لتفعله على الحد الذي أراده منك فتستحق بذلك الثواب.
ورابعها: أن تعرف ما يخرجك من دينك، وهي أن تعرف الشيء الذي يخرجك عن طاعة الله فتتجنّبه)كشف الغمة ج2ص255 وكذلك عليهم التصدي بروح الأبوية لهؤلاء الشباب الذين باتوا يحملون لواء العناد والإلحاد معاُ مما يجعله أكثر ثقة بنفسه مما يجري وهذا ما يجعلنا نعيش الروح المنهزمة الضعيف أمامهم .

هل هناك صور سوداوية

علينا فهم شبابنا وكيفية عيش نمط حياته التي تجعله أكثر ثقة في نفسه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أُورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظاً وافرا، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ) أصول الكافي ج 1 وهل هؤلاء الذين قلدهم أعطوه فرصة للعيش في هذه الحياة أكثر من واقع أمتنا التي بات يراها أكثر صور سوداوية متشائما منها يأس من الخوض فيها بعملية التغيير عن كميل (رض ) عن علي (ع) ما أقول لك الناس ثلاثة: (عالم ربّاني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم فيهتدوا ولم يلجأوا إلى ركن وثيق فينجوا ) تحف العقول ص 117-119,لذا تراه يعيش تجارب الغرب الأكثر أمنا ... علينا القول نعم هناك علامات مضيئة نجدها في الحضارة الغربية أكثر منا نضجا من التطور الفكري دون التميع والخلاعة لكن لوعدنا إلى التجربة الماضية من حضارتنا لوجدناها أكثر إشراقا منهم ويبقى السؤل المحير للألباب أن العقول المفكرة كانت لديها نتاج وعقولنا التي تعشق الترف خاوية لم تصنع شيء ! 

المنبر والمبادرة

أن وضع الشباب اليوم والعودة بهم إلى قارعة الطريق مرة أخرى لابد من تضحية وهذه التضحية تطلب من عرق وجهد جهيد وهذان لن يأتيا بالهين وأن التجربة الدعوية يجب أن تأخذ طريقها اليهم قال رسول الله (ص ): (الحياء حياء‌ان: حياء عقل وحياء حمق، فحياء العقل العلم، وحياء الحمق الجهل )تحف العقول ص38 ,يجب أن يكون هناك برامج هادفة تحبب اليه روح الإيمان وجعل طريقهم أكثر أمناً من ذي قبل وتصحيح المسار عبر بوابة الحوار الهادف المبني على الثقافة المكتسبة لديهم كما عززها المفكر الفيلسوف محمد باقر الصدر .

لأختم حديثي عن التجارب الهادفة التي أتخذها أرباب الدعوة الإسلامية في يوم من الأيام والتي أثمرت مما جعلت العامل المشترك هو الدين عن موسى بن جعفر (عليهما السلام ) قال : (أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلا به ، و أوجب العلم عليك ما أنت مسؤول عن العمل به ، وألزم العلم لك ما دلّك على صلاح قلبك وأظهر لك فساده ، وأحمد العلم عاقبة ما زاد في عملك العاجل ) بحار الأنور ج1 ,لا التدين البائس الذي أثمرت تجاربه العزوف عن الدين ومن خلال المقارنة بين حاضرنا وماضينا نخرج أن الإمراض التي أصابت شبابنا وهوسها نتيجة بعدنا عنهم وعن تجربتهم وكذلك عن واقعنا الذي ينفع الناس.

 


هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين