Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
B
Bushra abu ghaluon

اكتبُ الهردبشت

مدة القراءة: دقيقة واحدة

ملخص كتاب Man's search for meaning

Man’s Search for Meaning

الإنسان يبحث عن المعنى

اسم المُؤلف: ڤيكتور إميل فرانكل. 

اسم المُحرر: بشرى أبو غليون. 

نُبذّة عن الكتاب: كتاب صَدر عام ١٩٤٦م، يُوثّق المؤلف فيه ما حَلّ به أثناء الحرب العالميّة الثانية، حين كان سجيناً في إحدى المعسكرات النازيّة، ما المشاعر التي اختلجتْ قلبهُ حينها؟ وكيف سيطرَ على كلّ فكرة كانت تُراودهُ حول مستقبله المجهول؟ كل هذا وأكثر سَيخبرنا عنه هذا الكتاب الذي كان واحداً من الكتب الأكثر تأثيراً في الولايات المتحدة، إذ بيْعَ منه أكثر من عشرة ملايين نسخة ، وتُرجم إلى ٢٤ لغة حول العالم. 

لمَن يُنصح بقراءة هذا الكتاب؟ 

  • المُهتمون بدراسة علم النفس، والعلاج بالمعنى. 

  • المُهتمون بدراسة علوم الفلسفة الوجودية. 

  • لأي شخص يعاني من مشاكل نفسية، ويبحث عن دافع للاستمرار بالحياة. 

نُبذّة عن الكاتب: يُعتبر فرانكل مُؤسس علم العلاج بالمعنى (Logotherapy)، وهو أحد أصناف العلاج النفسي الوجودي، حظيَ بشهرة واسعة كَأهم طبيب نفسي وجودي، حصلَ على الدكتوراة الفخرية من جامعة كارلوفا، كما جَنى العديد من الجوائز والأوسمة منها: جائزة مدينة فيينا للعلوم عام ١٩٧٠م، الوسام النمساوي للعلوم والفنون عام ١٩٨١م، الميداليّة الذهبية لجامعة ماساريك عام ١٩٩٤م.

مُقدّمة

        هل تساءلت يوماً ما عند رؤيتك لعصفور مأسور في قفصه، ما الشعور الذي ينتابه ؟ وعن رغبتهِ في التحليق؟، و أمله بأن يجيء اليوم الذي يغادر فيه هذا القفص اللعين! هل جربتَ أن تضع نفسك مكان هذا العصفور الصغير؟ هل ستفكر أن تمتنع عن الطعام وترغب في الموت، أم أنك ستبقى متعلقاً بالأمل! أمل أن تكونَ حراً، وأن تعود إلى موطنكَ سالماً هانئاً بحياتك! 

       بالضبط هذا ما حصل مع الطبيب فرانكل، الذي يروي لنا تفاصيل حياته في معسكرات الهولوكوست في الحرب العالمية الثانية، حيث تعرّض للقهر والتعذيب وشعر بالاحباط الشديد، لكنه سرعان ما  وجد حقيقة باطنية دفعته إلى السعي للبحث عن معنى جديد راسخ في كينونته، يُحفزه ويدعمه، كيف لا وهذه الرغبة غريزية في كل واحدٍ منّا! أنت وأنا وحتى ذاك العصفور المذكور سابقاً، هذه ماهيتُنا، وهذا السبب الذي يُفسّر سبب وجودنا جميعاً على هذه الأرض ، فهو الطريقة التي نستخدمها في التعبير عن ذواتنا، وتحقيق الهدف الأساسي الذي وُلِدنا من أجله. 

مشهدٌ قاسٍ ومُتكرر

      "يا طبيب، من علّمك كل هذا؟ -المعاناة". هكذا جاءت إجابته على الفور/ ألبير كامو. 

تذكرتُ هذا الردّ العظيم من كامو في رواية الطاعون حالما انتهيت من قراءتي لهذا الكتاب، ولكن أيّة معاناة تلك التي عاشها فرانكل طوال ثلاثِ سنوات من التعذيب والقهر، تُعذّب طوال اليوم، وفي نهاية المطاف يتم نقلك إلى معسكر آخر يحوي غرف خاصة بطرق الإعدام المريعة، مثل أن يُعدم السجين بالغار، أو أن يوضع في أفران حرق الجثث، لكن رغم هذا كله، كانت فكرة البقاء على قيد الحياة تُسيطر على عقل فرانكل، وظل لديه الأمل في عودته إلى أُسرته التي تنتظره، ولم يستسلم. 

         لقد قام فرانكل بأعمال شاقة كثيرة، مثل الحفر لوضع عوارض خشبية لمدّ الخطوط الحديدية والأنفاق المائية، وكان يُمنح مقابل هذا ما يُسمى بجائزة الكوبونات، ويساوي الكوبون الواحد مبلغًا قليلًا من المال، يُمكن للسجين أن يستبدل بِه ستَّ سجائر، أو اثنَي عشر طبقًا من الحساء، وقد كان يُفضّل فرانكل الحساء؛ فهي الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة، ورغم كونه طبيباً، إلاّ أنهم لم يطلبوه ليعمل في هذه المهنة سوى في الأسابيع الأخيرة من اعتقاله. 

          كان هناك ثلاث مراحل يمرّ بها أيّ سجين، عادةً ما تكون ردات فعلهم العقليّة مضطربةً فيها فتجدهم في البداية مندهشين وخائفين من هذا المكان الموحش، وبعد فترة تراهم قد اندمجوا وتكيفوا مع النظام العام للمعسكر، والفترة الأخيرة التي تسبق تحديد مصيرهم، تجد الواحد منهم مصاباً بالوهم، وهي حالة مرضيّة تُسمى (وهم الإبراء)، حيث يُصاب فيها عقل السجين بنوع من السراب، فيعتقد قُبيل تنفيذ الاعدام أنّ ثمّة شخص ما سيأتي وينقذه في اللحظة الأخيرة، لكنها تبقى مجرد أوهام، يحلّ محلّها إحساس غريب بالضحك والفكاهة؛ وذلك يقيناً منهم أنهم لن يفتقدوا، سوى حياتهم البائسة هذه. 

المُواجهة بالتكيّف

      بعد مكوثه في السجن كل هذه المدة الطويلة، أيقن فرانكل أنّ أيّ واحد منّا بإمكانه أن يتكيف ويتأقلم على أي ظرف وُضع به؛ فهو الذي اعتاد على الاستيقاظ حال سماعه لأي صوتٍ بسيطٍ أثناء نومه، ها هو اليوم في السجن ينام ملتصقاً بزميله، سامعاً صوت شخيره، وأصوات التعذيب من حوله، دون أن يكترث. 

        بالتالي فيمكننا القول أنّ بإمكان أيّ إنسان أن يتّبع قدرته على التعايش أسلوباً لعيش حياة عظيمة، مهما كانت ظروفه؛ إذ من الممكن وصف هذا التكيف مع مصاعب الحياة بأنه النظرة الواقعية الواعية للأمور بغضّ النظر عن التعقيدات والمشاعر المُساورة، كما أنّ امتلاكنا لقوة إرادة تسهم في تعزيز عملية التعايش والتجديد، من وجهة نظر بيولوجية تُقدّم هذه الفكرة على أنها العامل الرئيسي لعيش حياة صحية، طويلة الأجل؛ فَتعاملنا الإيجابي مع التغيرات السلبية المفاجئة، من شأنه منحنا الإتزان اللاّزم للاستمرار على قيد الحياة، بعيداً عن ردود أفعالنا المتوغلة في الحزن والإحباط، والتي بدورها تمنع نشاط عقلنا الواعي، وتشتت إدراكنا.   

   

        كانت البلادة مُسيطرة على أغلب السجناء، وقد جعلتهم غير آبهين بما يحدث حولهم؛ إذ يفقد السجين قدرته على الشعور بأي شيء يحدث له كل يوم وفي كل لحظة، مما يسبب لهم فقدان الأمل والقدرة على الحساسية، فتجد الواحد منهم مُتقوقعاً على نفسه، يعتريهِ الصمت البغيض.  

الشعور بالعدم، والرغبة في الانتحار 

         كانت هذه الفكرة مسيطرة على كل واحد منهم تقريباً؛ إذ كان الشعور بالعجز حيال الظرف المحيط هو الداعم لها، لكنّ فرانكل أخذ عهداً على نفسه ألاّ يصطدم بالأسلاك، إذ كانت هذه العبارة شهيرة في المعسكر بين السجناء؛ فقد كان سياج السجن طويلاً مكوناً من مجموعة من الأسلاك الشائكة تسري فيها الكهرباء، ومن يُقدمُ على  لمسه، فإنّ مصيرهُ الفناء حتمًا. 

       في السجن يعيش السجين الجديد أشكالاً من العواطف المؤلمة؛ وذلك نتيجة اشتياقه العارم لعائلته، والمشاهد المُقززة والمُشمئزة التي تُحيط به في السجن. فقد كانوا يُجلدون بشكل عشوائي، و يتم استفزازهم دوماً، فأصبح شعور الألم النفسي يغلب شعور الألم الجسدي، وأضحى حُلم أي سجين الحصول على قطعة من الخبز، أو سيجارة وحمام ساخن، لكنه حالما يصحو من حلمه يسقط ضحيّة التناقض بين حُلمه وواقعهُ الأليم.

        أحد أصدقاء فرانكل كان طبيباً، و قد سبقه بمدّة داخل المُعسكرات، وكان ذكياً وصابراً دوماً، وهو أحد الناجين، بعد نجاته ذَكرَ أنّ فرانكل هو الوحيد الذي كان يضحك دائماً، مما دفعهم للاعتقاد أنّه جُنّ لفرط رغبته في الحياة، بالرغم من الأوامر الصارمة المُوجهة له، والمشاهد المُرعبة التي رآها. كان صديقه هذا بشوشاً أيضاً واستمرّ بتوصيتهم دائماً بحلق وجوههم، وألاّ يكترثوا لأيّ جرحٍ أو خدشٍ يصيبهم، وأن  يُظهروا حب العمل، كي لا يكون مصيرهم الإعدام بغرف الغاز، وقد تأثر فرانكل كثيراً به، ويذكر أنّه أحد الأسباب التي كانت تدفعه للبقاء.

الآثار النفسية والجسدية

       بالطبع، فإنّ هذه الظروف ستؤثر بشكل مباشر على أي إنسانٍ سويّ منّا، وهناك عدد من الآثار النفسية والجسدية الواضحة لدى كل سجين، كَالشعور بالعدمية، والإحباط، والرغبة في الموت، كما أنّ اختفاء الرغبة الجنسية كان أحد أهم النتائج المترتبة على أغلب السجناء، قد يكون هذا بسبب سوء التغذية، والقلق المتواصل، وعلى الرغم من كون جميع المعتقلين في المعسكرات من الذكور، إلاّ أنه لوحظ وجود بعض الانحرافات الجنسية.

      لكنّ فرانكل ورغم هذا كله، كان يتذكر  دوستويفسكي حين قال: " يوجد شيء واحد يُروعني، وهو ألاّ أكون جديراً بآلامي"، لذا حاول فرانكل دائمًا أن يكون جديراً بأن يعيش هذا الألم المحيط به، وأن يتخطاه؛ إدراكاً منه أنّ الحياة تستحق أن نواجهها بحريّة روحيّة مستقلة. 

      كما أنّ القسوة أحد آثار الإعتقال المباشرة، حيث يصبح السجين أكثر عنفواناً مع أصدقاءه، إذ يكون حاد جداً، وصامتاً دائماً، وحالما يُثار غضبه، يظهر قسوته، وقد يُصبح قاسياً مع نفسه محاولاً إيذاءها. 

     إذاً فإنّ عيش حياة كهذه  في معسكر الاعتقال، تُمزقُ الحجاب عن النفس البشرية وتُعريها إلى أعماقها؛ وذلك بسبب الألم الذي شعر به كل واحد منهم، كما أنهم فقدوا القدرة على الإحساس بالسعادة، وفقدوا الشهية والرغبة في القيام بأي شيء آخر. 

العلاج بالمعنى

       تُعدّ رغبة الإنسان في البحث عن معنى لوجوده قوة فطرية غريزية، فهو بحاجة إلى إجابة شافية لجميع تساؤلاته الفلسفية، لذا فإنّ فرانكل قام باكتشاف فكرة ما وهي العلاج بالمعنى؛ فهو يعتبر أنّ مهمته تكمن في مساعدة الإنسان على أن يجد معنى حقيقي لحياته. يهدف به لأن يجعل الإنسان واعياً للمعنى الكامن لفكرة وجوده هنا، فهو أشبه بعملية تحليلية عميقة. 

        هذا العلاج لا يقتصر على الأواصر الغريزية داخل اللاّشعور عند الإنسان، بل يهتم بالحقائق المعنوية أو الروحية، كتحقيق إمكانات المعنى الوجودي لديه، وإيضاح إرادة المعنى الكامنة فيه. قد تسأل نفسك، إذاً فما الفرق بين التحليل النفسي والعلاج بالمعنى؟ فَالعلاج بالمعنى يحوّل الإنسان إلى كائن جُلّ إهتمامه هو تحقيق المعنى لحياته والقيمة الذاتية لنفسه، بدلاً من اهتمامه بإرضاء رغباته وإشباع غرائزه.   

        إذاً فهو أهم طرق العلاج التي تُركّز على المستقبل، وعلى المعاني اللازمة التي يجب أن يطّلع عليها المريض في نظرته للغد. كما أنّ سعي الإنسان يختلف من شخصٍ لآخر، ويختلف عند الشخص الواحد من يومٍ إلى يوم آخر؛ لذلك يجب ألّا نسعى للبحث عن معنى مجرد للحياة، فلكل واحد منّا رسالة خاصة به، وعليه تنفيذها في هذه الحياة.

الحب والبحث عن المعنى 

       يُعتبر فرانكل أنّ الحب هو الطريقة الوحيدة التي يُمكن للإنسان من خلالِه أن يطّلع على أسرار إنساناً آخر في غور عمق  شخصيته؛ من وجهة نظره أنّ الإنسان لن يبلغ الوعي التام بالجوهر العميق لشخص آخر، إلّا إذا وقع في حبه.

       يقول دائماً أنّ الحب هو من يصنع المعجزات، وبه يعرف الإنسان مفهوم المعاناة الحقيقيّة؛ فحينما يجد الإنسان نفسه في موقف لا مفرّ منه، سيتطلب منه هذا أن يواجه قدره الذي يُمكن تغييره، كأن يكون مرضاً عصياً كَالسرطان، وقتئذٍ فقط يكون أمام الشخص أخر فرصة لتحقيق قيمته العليا؛ تلك التي يُحقق بها المعنى الأعمق، فيبقى يعاني في سبيل أن يكون على قيد الحياة. 

        بالحب يَصيرُ الإنسان واعياً بالمسؤولية التي عليه أن يحملها إزاء شخص  ينتظره باشتياق ولهفة، أو عمل يرغب في تحقيقه ولم يكمله بعد، لن يكون الإنسان قادراً على التفريط بحياته، إذا عرف فقط السبب من وجوده، والغاية المرجوّة منه، فبها يكون قادراً على تحمل أي شكل من أشكال المعاناة. 

 سُموّ الذات 

  

        يرى فرانكل أنّ ما يميز الوجود الإنساني ظاهرتان خاصتان بالإنسان العاقل وحده، وهما ظاهرة التحرر الذاتي، وظاهرة التسامي بالذات. كما أنّ تحقيق الذات ليس الغايّة الوحيدة عند الإنسان، وليست رغبته الأولى؛ ويعود ذلك في رأيه بأنّه إذا أصبحت رغبة تحقيق الذات غاية بحد ذاتها، فإنها تتعارض مع فكرة تجاوز الذات أو السموّ بالذات.

     يقول آينشتاين: "إنّ الفرد الذي يعتبر أنه يعيش حياة جوفاء من أي معنى، فهو لن يكون غير سعيد وحسب، بل سيكون غير صالح للعيش". لذا فإنّ السمو بالذات لَهو جوهر وجودنا؛ ومع هذا كله، إنّ الملل والبلادة والعدمية، جميعها  مشاعر آخذة بالانتشار في عالمنا الحالي، بالإضافة إلى الشعور بالفراغ وباللاّجدوى.

مُلخّص نهائي

         أخيراً وكما هو واضح عزيزي القارئ أنّ هذا الكتاب يحمل ا


B
Bushra abu ghaluon

اكتبُ الهردبشت

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين