Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
ف
فاطِمة

‏علىٰ الهامشِ قليلًا.

مدة القراءة: دقيقة واحدة

عندما غاب أبي.

عندما غاب أبي.. أكتشفتُ لأول مرةٍ أن الإنسان قد ينام حزينًا باكيًا في كثيرٍ من الأحيان ولن يأتي أحد ليغمره آخر الليل ويضمه لصدره ويحنو عليه بكلماته ويقول له: يا صغير! لما البكاء؟ ألم تتعلم شيئًا؟ ألم تكن تلك الدمعات لأنك شعرت بتقصيرٍ ما؟ ربما تبكي لقسوةٍ عليك مني وإنها واللهِ ما كانت إلا حبًا فيك وحرصًا عليك، ربما أيضًا لشيءٍ آخر في نفسك لم تبح لي به، وإن لم تبح فإنني متأكدٌ من حرصك على إصلاح كل شيءٍ كما تعلمنا سويًا، ألم نكن سويًا طيلة الوقت؟ نكبرُ معًا.. حتىٰ أصبحت تبكي لشيءٍ لا تريد أن تبوح لي به وإني لألمحه في عينيك، ولكن ما يطمئن قلبي أننا تعلمنا سويًا كيفية التغلب على كل صعب.. كيفية التعلم من كل صعب.. كيفية الخروج من كل صعب أقوى يا صغيري.. الآن ضمةُ قبل النوم وهذه يداي لتمسح دموع الذي لا تهون عليّ دموعه، وهذه أذكار النوم، والآن نم قرير العين لا أراك الله حزنًا يا صغير. 

عندما غاب أبي.. بدأتُ أُلقي للخوف بالًا مرةً تلو الأُخرى، هذا الصوت مُخيف، ألن يُهدء من روعي أحد؟ ألن يقول أحد ليس بالشيء المخيف إنه فقط صوت طائرة؟ ويسترسل قائلًا: ربما مُتجهة إلى مكة التي تتوقينَ إلىٰ زيارتها ورؤية الكعبة.. أين الخوف؟ أنا فقط أصبحتُ مُرتاحة وفي غاية الإطمئنان.

عندما غاب أبي.. تعلمتُ حتى طُبع ما تعلمته على جبيني كيف يُمكن للمرء أن يبكي عندما يتحدث أحدهم عن شيءٍ يفتقده كثيرًا، لم أكن أعي كيف يكون المرء هش إلى هذه الدرجة؟

عندما غاب أبي وسندي في كل صعبٍ بعد اللّٰه.. أدركت أنني أصبحت أيلةً لسقوط في أي لحظة وللأسف هذه المرة إن خانني عمودي الفقري، فلن أجد عمودي الثاني وجداري الثابت.

عندما غاب أبي.. كان لكل شيءٍ حاول أبي طيلة أعوامي أن يُخفيه عني لبشاعته رؤية واضحة جلية، وكأنها تقول لي: دعينا نضفي من الأسود هذا على تلك اللوحة البيضاء.

عندما تعود يا أبي، لن تعود اللوحة بيضاء ولكن على الأقل سأعود أنا بعدما فقدتني حين أختلط الأبيض بالأسود.


ف
فاطِمة

‏علىٰ الهامشِ قليلًا.

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين