عاليًا في السماء الحبلى بنور وجهكِ يحلّق اليمام، يتدلى المطر من سحابة قلبكِ، وتتطاير في وجهي زهور كفيكِ.. عبثًا أبحث عنكِ بين الذكريات في ظلال الربيع، أجري قاطعة آلاف الصخور، حياتي بأكملها من مكانها الشاهق تنظر إليّ، ترهقني بثقلها ولا أخضع إلا لروحكِ. أشتاق إليكِ، لكنكِ لست بعيدة، إنكِ في قلبي.. نحن، كلانا معًا وسنبقى. إن القلب خاو، إلا من اسمكِ الذي يعلو فوق هذا الكون الصدئ المليء بالقسوة. أتعلمين؟.. ورودكِ التي احتويتها من حولكِ حين رحلتِ، مازالت خرساء، لم تعد تُنشد عطرًا منذ ذلك الوقت.. وأنا.. مثل بقايا الضباب عند المياه، كأنني قطرة ندى اقتربت أن تجف، وكما الحبر على وشك الانتهاء، يكون أعمق عندما يختم رسالته..لا أرغب بشيء أبدًا. يا أيتها الروح الشفافة النادرة جدًا، بحيث لا يمكن لي أن أقبض عليها، مازلتِ تسجنين كياني بحنانكِ الذي يشبه ضوء قمر في الفجر، سابحًا في مداه ومعلنًا إشارة السلام. حبيبتي.. قلتِ لي ذات ليلة : «يا ابنتي..دعي الزهور تغطي جفنيكِ واتركي زرقة السماء تمتد في حلمك بالسكينة».. آه يا أماه..أية حياة لا تنتهي بالموت؟ كم من الصعب أن نكون بلا أم.. سنوات تمر..تندثر.. ورمادكِ باردٌ. الحيرة تعصف بأعماقي.. هل لي أن أبكي؟.. أعلم أنكِ ستغضبين إن بكيت! لقد رتقتُ منديلكِ مرات عدة بالحب والشوق.. ربما يومًا قد يقع بين يدي من له أم..

~ غادة

Painting by :Vinod Arora