Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
A
Ahmed Elsebai

هنا فتي يسطر حروفا حمقاء ، لم يكف عنها حيث لم تتركه الوحدة طيلة حياته💔

مدة القراءة: دقيقة واحدة

أين السبيل!!💔

شعور مضطرب ، مشاعر هوجاء ، نبضات متفاوتة ، اضطراب في التفكير ، شعور بالوحدة ، معاناة الوحدة.

صبر كأيوب ، ظلمات كيونس ، قصة كيوسف ، ثبات كنوح ، نداء كموسي ، تميز كعيسي ، وعشق كأحمد ، واضطراب كآدم.

أشياء جوفاء أمام البصر ، مكدسة حين تقاضيها البصيرة ، مشاعر تضطرب لها القلوب والأبدان ، تنتاب قلب شاب ، بلغت منه شيبا ، جعلت منه عتيا.

"يوسف"!

شاب صغير العمر ، قليل الخبرة ، واسع النضج ، كبقية البشر يمتلك من اسمه نصيبا ، ربما لم يكن ذلك خيارا له لكن يبقي هو الوضع.

يبلغ صغير الخبرة من العمر عشرين عاما وبضعة أشهر ، توفي والديه ، ظل من بعدهما وحيدا شاردا إلي جانب فتاته الصغري ، شقيقته "أروي" التي لحقت به في الدنيا عقب عام ونصف العام ، كان لها أخا وأبا وأما ، كان لها أسرة منذ عامها السابع عشر ، ولم تعجز عن أن تكون له هي كذلك.

كان والديه ميسوري الحال ، يراهما الكاتب من أثرياء العصور القديمة وفقراء اليوم ، لكنهما وعلي أية حال يمتلكون قدرا من المال يكفل لهم حياة طيبة لخمسة أعوام أخري حيث ينتهي يوسف من دراسة الصيدلة و ينفض لإدارة صيدلية والده "أكرم".

"أروي" كانت فتاة هادئة ، قطعة من الجمال ، ألقاها الله في منزل لتبث فيه البهجة ، وتثير فيه الرحمة تجاه هذا الشاب فقير الأمل وفاقد السعادة ، كانت لا تكل ولا تمل في أن تجعل من أخيها رجلا ناضجا سعيدا طموحا ، كانت تري في أخيها نبوغا واستعدادا فعجزت أن تترك تلك المقدمات لنهاية سريعة قصيرة.

كانا يمتلكان بيتا من ثلاثة طوابق ، حديث البنية ، روعة في الجمال لكنه لم يرتق جمال "أروي" علي حد وصف "يوسف".

ذات ليلة باردة من ليالي الشتاء القارسة ، يعود "يوسف" من عمله ، يجد "أروي" وقد أعدت طعام العشاء وزينته كعادتها ، نظر "يوسف" إلي الطعام وسُر ثغره ، وقبلها وجلس كلاهما يتناولان أطراف الحديث كما يتناولان الطعام.

طال بهما الحديث عن العمل ودراسة كلاهما وغيرها من أمور الحياة ، انتهت "أروي" من طعامها ولاحظت أخيها ينتشل الأطباق وكادت تحملهم ، ولكن "يوسف" يبادرها بضربة خفيفة علي ظاهر يدها كطفلة صغيرة ، يحدثها قائلا:

" فلنترك ذلك الأمر لي " ، ولتذهبين إلي دراستك حتي أعود.

كانت دوما "أروي" لا تضع حديثا بعد حديثه ، فهزت رأسها طاعة ، وابتسمت وهي تنهض إلي دروسها.

كانت "أروي" طالبة بكلية العلوم ، نابغة وعاشقة ، وهذا العشق كان رفيقا يمهد الطريق.

ارتاد "يوسف" مطبخ بيته ، انهي أعمال التنظيف ، أشعل نيران القهوة، أعدها كما هي العادة ، وعاد إلي حيث كانت "أروي" تنهي دراسة يومها ، طرق بابها مستئذنا ، فسمحت له.

جلسا إلي جوار بعضهما ، وأراح كلاهما ظهره علي الأريكة ، تنهدت حينها "أروي" وتبعها "يوسف" ، أشعلت "أروي" التلفاز علي فيلم ليلي جديد.

ظل كلاهما طيلة الساعتين أو الثلاثة صامتين ، يتخلل صمتهما حديث "أروي" وإعجابها بشأن الفيلم.

وبعد دقائق من اقتراب نهاية العرض سقطت رأس "أروي" علي كتف "يوسف" ، فحملها إلي فراشها وألقي عليها فراشها مدثرا إياها ، ومقبلا يدها وجبينها.

وخرج حيث كانت الساعة تدق معلنة الواحدة صباحا ، حينها دخل إلي غرفته وأشعل المصباح وجلس إلي مكتبه ، أخرج ثلاث ورقة وأحضر قلما وبدأ يسطر قائلا:

" كعادتها جميلتي ، تحسن الطعام ، وتحسن الإحتواء ، مازالت ترفع رايتها ، مازال وطني شامخا رغم كل الكسور والآلام التي تنتابه وتنتابني ، لازال وطني كنفا لجسدي ، لازالت تحبني ، ولازالت تبحث عن سعادتي ، فيا رب لا تسلبها ما تذرفه ولا تحرمها ما تطلبه"

وحينها يحضر ورقة أخري ، ويدون فيها قائلا:

" أحببتها ، ولم تشعر بذلك ، أخبرتها ، ولم تأبه لتعلقي ، كانت دوما تخاف أن تتعلق ، كانت دوما تخشي أن ترتبط ، أخبرني حديثها أني تمتلك قدرا من الحب لي ، لكن صوتها كان يخبرني عن مدي الخوف والقلق الذي أصابها، قضيت في حبها أربع سنوات ، لم تتفوه بحديث فاصل ، لم ترغب في رد قاطع ، تخشي وتقلق ، ولا تأبه لضعفي ، كانت وبلا قصد تضغط علي ضعفي ، ضاق قلبي عليها لكنه لم يلفظها ، ضاق عليها ممسكا بها ، ضاق ليخبرها صعوبة الرحيل بل تحريم الفراق ، كل هذا الضعف الذي ملأني ولكني أحبها ، أنتظر منها كل يوم كلمة واحدة ، وأتحجج بضعف اتصال الإنترنت ، أنتظر كلمة ربما لم تكتب بعد ، لكني أنتظرها ، ربما لم تسمع حديثي جيدا ، ربما هي بحاجة لأن تتفقده ، ربما ينبغي عليها ألا تجعلني عدوا هكذا ، هكذا شعور بات يخنقني ، بات يؤلمني ، هكذا شعور بات يقاضيني ، في تلك الليلة أنا متيقن من أن الحب شيء لا يتحمله سوي المعصومين ، منذ عام أو يزيد وأنا لم تجمعني الصدفة بها ، لم تعد الصدفة تزورنا كما كانت ، لم أعد أسترق نظرات إليها ، ولم أعد أنتظر مثل هذا الفراق ، ضاق قلبي حتي عن محادثة شقيقتي عنها ، لا أعلم ربما ارتكبت خطأ أو خطايا ولكني لم أذنب ، لكني بحاجة إلي محادثتها وتصحيح الرؤية أمامها ، بحاجة لإفراغ ما أحمله بين يديها أما تحمله وإما ترده وتهجره ، لكني لا أملك شجاعة للوصول إليها ، أصبحت عدوا حقيقيا ، أصبحت أبحث عن مثقال ذرة من التقدير بين يديها ، لكني ورغم ذلك الاضطراب والسقوط فأنا أحبها ، أحبها حتي تأتي وتحرق قمري ، وتغيب شمسي ، وتهتز أرضي، وتنهمر سمائي "

وهنا يسقط القلم من بين يدي "يوسف" وتمتلئ الورقة بدموعه ، فيتركها ، ويذهب حيث يتوضأ ويصلي ، يصحبها في سجوده ، يناجي ربه الوصال ، يناديه الثبات.

وحين يفرغ من صلاته يذهب لفراشه ويهوي بها النعاس سريعا.

فإلي أين سيجد قلبه راحة وإلي أين سيجد قطاره محطة ، لا أعلم


A
Ahmed Elsebai

هنا فتي يسطر حروفا حمقاء ، لم يكف عنها حيث لم تتركه الوحدة طيلة حياته💔

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين