هنا فتي يسطر حروفا حمقاء ، لم يكف عنها حيث لم تتركه الوحدة طيلة حياته💔
هيبة المحاربين🖤
حلم خاطف سريع ، يختطف فلذاتنا ، وينال من أفئدتنا ، ويحطم من خلايانا ، ويكبد نفوسنا خسائرا فادحة.
لاسيما ومازلنا نحلم ، مازلنا نتمني ، مادامت الرغبة والشهية للغد تملأ جوفنا ، وللأفضل تأسرنا ، وللراحة تشغلنا.
ينْفَض الفتي والفتاة علي حد سواء من تلك الأعمال الخاوية ، ويزور فراشه في وقت متأخر من الليل ، في وقت لا يعرف الراحة ، وقت يُمرض الأبدان ، وقت لهو جدير بأن يكون موعد يقظة للمناجاة.
يضع رأسه علي وسادته منتظرا الراحة فلا يجدها ، ينتابه وهن وأرق لا مثيل له ، أرق يتجدد يوما بعد يوم ، يتسابق الأرق ويرتقي وهو لا يُحرك ساكنا بعد.
ينظر من حوله فلا يجد سوي العتمة ، فلا ينفعه إحكام غلق العين ، وبكل يسر تنتشر العتمة مارة لداخله ، وحينها يفيض داخله بما يحمل، فلا القلب يتحمل مزيدا ولا العقل يتسع ، فيفيض كلاهما ، فيتألم ويزداد تألمه رويدا رويدا حتي يقبض الألم علي قلبه ويأسر أنفاسه ويكاد يلهث من الألم.
تلك الأفكار التي تشتد عليه ، والذكريات التي تناجيه ، والأحلام والأمنيات التي فارقته ، يظنها تلوح بيدها من بعيد ، تناديه وتخبره سحقا سحقا ، سحقا ما تركتك لكنك تخليت ، سحقا تمنيت ولم تصبر ، هيهات أن تنال مني ، يقضي ليلته كاملة بين تلك الأوهام والخيبات والعثرات ، يبحث حينها عن شيء يجد فيه فخرا ، شيء يشعره بالغنيمة ، ولا فائدة فالفخر لدينا يكون فيما نريد لا فيما نحصل ، فيما نسعي لا فيما مقدر ، نتجاهل كل شيء بين أيدينا ونتقيد بمستقبل غيبي القوام ، غيبي الوجهة ، غيبي المنال ، وحين تختلط مشاعر الألم والحزن والعجز والصدمة وفداحة الفقد تمتزج ، تمتزج لتطلي قلوبنا اضطرابا وتضاربا ، نهون ونهول مما نحن عليه لفقدنا ما أردنا ، نتذكر حينها شرودنا طيلة اليوم ، ضحكاتنا المصطنعة التي أصبح ثغرنا يستكشفها ويلحظها حين تقرر أن ترتسم ، يضحك الجميع من حولنا ونحن لا نبالي ، نجلس بمقاعد القطار ولا نأبه لضوضاء الآخرين ، أصبحنا جثة علي قيد الحياة.............
وهنا حتما ولابد من وقفة ، وقفة مع الذات ، وقفة استثنائية ، ولو ستتكرر كل يوم او كل ساعة ، ولو ستتجدد كل دقيقة ، ولو سنتعثر بعد أن نجددها، لكن لا نترك ذلك ينال منا.
لا بأس أن نحمل خيباتنا ومعاصينا وعتمتنا ونحزن عليها ، لا بأس أن نعطيها قدرا من الحزن الغزير ، لا بأس في ذلك ، ولكن البأس أن نتيه حينها عما بعد.
فقط نحملها ونأتي في جوف الليل ونضعها بين يدي الله ، نضعها نصب أعيننا ، نضعها ونتفحصها ، نحدثها ، نناجيها إن أبت الحديث ، نشد عليها إن باءت غاضبة ، لا نتركها ونرحل ، لا نتركها هباء منثورا ، بل سنحملها فهي نحن وان كانت سيئة.
لا نأبه طريق طويل ولا مسار متعرج بل نرغب غاية في نهايته ، فلا وصولا بهيبة سوي هيبة المقاتلين.
هنا فتي يسطر حروفا حمقاء ، لم يكف عنها حيث لم تتركه الوحدة طيلة حياته💔