هنا بعد أن أكتب، س أخجل مما كتبت، هنا س أنشر، وس أرجو أن لا يطلع ع ذلك أحد..
النهاية
بضعة أوراق ، تفصلني عن بلوغ نهاية كتاب بدأت حرفه الأول منذ نصف عقد وأكثر ، بضعة أوراق لا أملكها بعد ، أعرف أنها تحتوي عدة أسئلة ، تختبر فيها قدرتي على استذكار مواد عقيمة بُليت بها أنا وغيري من الحالمين الذين ظلو الطريق بعيدًا عن أحلامهم..
أكتب اسمي ، ارتجيه حرفًا بعد حرف ، فالحرف طويل ، الحرف ذاكرة ، والأسم كله أنا ، اكتب رقمي الجامعي صاحب الثماني سنين عمرًا ، ست خانات تحوي تاريخ خيبات ونضال ، اكتب هذا الرقم لآخر مرة ، أكتب أوله وأودع معه خيبة أكتب تاليه وأودع معه معركة ، وأكتب الباقي وأطوي معه كل الصراع وكل النضال وكل ما في الذاكرة وفي الجسد من آثار ، أكمل وأجيب الأوراق التالية ببلاده ، ف الحس مات ، قتل غدرًا في ريعان شبابه ، وبات الجسد وحده يناضل لـ لا شيء ، سوى لرب قال له اعمل ، هو يعمل ، هو في خفاء يحلم ، لازال في داخله حس صغير يخفيه عن الأعين ، يضيء في قلبه دائمًا كلما واجه الكدر ، يطبب على القلب المكلوم ، يعزيه ، يخبره بأن الغد سيكون أتعس مما هو عليه الآن ، لذلك تلبس هذا الجسد البلادة ظاهرًا ليحمي ما يمكن أن يبقى بعد هذا المشوار الطويل ، يشتعل له الآن لأن القليل في هذه الحياة من يكمل النهاية ، النهاية صعبة ، خلاف العادة ، ليس للكثير قدرة على تخطي هذا الفصل الأخير الذي ما ينفك العقل يخبره منذ البداية أن ذلك مستحيل ، أنهي الجواب قبل الجميع ، أقلب الأوراق على وجهها ، هه أستطيع الأن أن أضحك بملء قلبي ، لم يبق ما يعيقني بعد اليوم ، عاليًا ها ها ها ، ويحي الكل ينظر باستغراب ، والبعض بامتعاض لأنني قاطعة تركيزه ، عذرًا ، عفوًا لا عذرًا ، تبًا لكم ، ثم أوصد باب القاعة بقوة وأنا مغادر ..
لست غاضبًا ، أنا ممتن لانني لازلت طفلًا رغم كل هذه القسوة ، ممتن للدروس التي ما تعلمتها من صفحة ، بل من الأيام ولياليها المظلمة ، ممتن لأنني سعيد رغم ما يخبرني عكس ذلك ، ولأنني لازلت أنام وأصحو على أمل ، رغم كل الألم ، ما تعلمته هو فعل وردة فعل ، استجابة ، لا نص يذكر ، أن أفعل ما لا أستطيع وأن أكون ما أفعله ، وأن أصبح فعلًا لنيل المستحيل وأن يصبح المستحيل خرافة ، أن أدرك قضيتي وشغفي ، أن يتصالح عقلي مع قلبي ، أن أغدو سهلًا ما كأن الصعب أمامي ، وأن العمر ليس سوى رقم ، في مرحلة ما لا يعد مهمًا ، العمر كتلة ، كتلة صبى ، كتلة شباب ، وكتلة شيخوخة ،، ما يهم هو أن توقظ الإحساس بالمحيط ، أن تدرك ما يحدث ومالا يحدث وما سيحدث حولك ، وأن لا تقع في فخ العادة ، ف تكون إمعة ، للوقت أو للناس ، خالف السرب ، أو تقدمهم ، والصدق ، في الحركات والسكون ، الصدق فيما يخبو وفيما يظهر ، وأن الحياة ليست حلبة للسباق ، وإنما ساحة للرقص ، أن تعزف فيها وأن تغني ، وإن لم تستطع ف اصرخ ، ربما يشارك وحشتك صدى..
ممتن ، والامتنان العظيم إلى ربي ، ثم إلى أمي وأبي ، وإلى أسماء صديقة شاطرتني هذا الوقت ، وأسماءٌ أخرى شكلت فيَّ هذه المعاني ، البارحة طويت كتابًا واخترتُ كتابًا آخر ، اليوم أنا أطوي الكتاب الذي اخترته البارحة..
هنا بعد أن أكتب، س أخجل مما كتبت، هنا س أنشر، وس أرجو أن لا يطلع ع ذلك أحد..