Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
د

مدة القراءة: دقيقة واحدة

التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة

الإعاقة ابتلاء من الله تعالى ليس للإنسان يد فيه لا من قريب ولا من بعيد، اختار الله أجساماً معينة لنزول البلاء فيها، فقال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. [1] فيكون الحساب على قدر ما أعطى الله الفرد من الإمكانات والمواهب والقدرات.

والمعاق إنسان فقد أحد أو بعض حواسه أو أعضائه، إما خلقة أي وُلِد معاقاً، وإما نتيجة لمرض أو حادث تسبب بعاهة مستديمة، نسأل الله تمام العفو والعافية. ولكن هل تقف الحياة عند الإعاقة؟ أم أن المعاق يجب أن يأخذ دوره في المجتمع كإنسان، تجب له الحقوق وتملى عليه الواجبات..

والمعاق له أجر وثواب عظيم مع صبره على بلواه واحتساب ذلك عند الله تعالى. فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ إِنِّى أُصْرَعُ، وَإِنِّى أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِى. قَالَ: « إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ » . فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. [2]

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: « إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِى بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ » . يُرِيدُ عَيْنَيْهِ. [3]

كثير من المعاقين يعوضون إعاقتهم بتفوقهم بمجالات معينة على أقرانهم من الأصحاء، فلم يستسلموا لفداحة الإعاقة، ولم يركنوا لنظرات العطف والرثاء من حولهم. بل كان ذلك حافزاً لهم لتسلق المصاعب والمشاق، وحصد ثمار الأمل والتفاؤل، فبرز منهم العلماء والكتاب والأدباء والشعراء والرياضيون و..

وإذا جعل الحبيب المصطفى r خير البيوت بيتاً فيه يتيمٌ يحسَن إليه، كذلك فإن بيتاً يرعى فيه معاق ويحسن إليه من خير وأفضل البيوت. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « خَيْرُ بَيْتٍ فِى الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ وَشَرُّ بَيْتٍ فِى الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ ».[4]

والمعاق يعامله الله تعالى على نيته تماماً كما الصحيح، فالله عالم بالسرائر، ومطلع على النوايا، يعلم السر وأخفى. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُبْتَلَى بِبَلاَءٍ فِى جَسَدِهِ إِلاَّ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحَفَظَةَ الَّذِينَ يَحْفَظُونَهُ اكْتُبُوا لِعَبْدِى مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مَا دَامَ مَحْبُوساً فِى وَثَاقِى ».[5]

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t قَالَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِى قَائِدٌ يَقُودُنِى إِلَى الْمَسْجِدِ. فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّىَ فِى بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: « هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ؟ ». فَقَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَأَجِبْ ».[6]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: « إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لاَ يُنَادِى حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. [7]

الله سبحانه وتعالى قد رخص للمعاق القعود عن الجهاد فقال جل ذكره: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾.[8]  ولكن إن أبت نفسه التواقة للشهادة إلا الجهاد فقد هيأ له الله تعالى أعلى المراتب والدرجات.. فعن أشياخ من بنى سلمة قالوا كان عمرو بن الجموح t أعرج شديد العرج وكان له أربعة بنون شباب يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوجه إلى أحد قال له بنوه إن الله عز وجل قد جعل لك رخصة فلو قعدت فنحن نكفيك فقد وضع الله عنك الجهاد فأتى عمرو بن الجموح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن بنيّ هؤلاء يمنعون أن اخرج معك!! والله إني لأرجو أن استشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد. وقال لبنيه: وما عليكم أن تدعوه لعل الله يرزقه الشهادة. فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيداً. [9]

د بشار القهوجي

[1] . التغابن/11.

[2] . أخرجه البخاري في كتاب المرضى باب فضل من يصرع من الريح 5652، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض 2576.

[3] . أخرجه البخاري في كتاب المرضى باب فضل من ذهب بصره 5653.

[4] . أخرجه ابن ماجه 3679 والبخاري في الأدب المفرد 137، الطبراني في الأوسط 4785.

[5] . أخرجه أحمد 11 / 422 رقم 6825.

[6] . أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء 653.

[7] . أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره 617، ومسلم في كتاب الصيام باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر 1092.

[8] . الفتح/ 17.

[9] . البيهقي، 2003، 9 / 24.


هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين