Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
M
Mohammed Majidah

هنا بعد أن أكتب، س أخجل مما كتبت، هنا س أنشر، وس أرجو أن لا يطلع ع ذلك أحد..

مدة القراءة: دقيقة واحدة

لو لي


أن أعود إلى البداية، إلى السلام، إلى التفاصيل المخفية، بعيدًا عن الصورة الأكبر، إلى أول ما يرى وأول ما يسمع وما يحكى، إلى الإحساس الأول، إلى حجرة ممتلئة بالماء، إلى أنغام بعيدة، وتقلبات دورية، إلى ما لا يذكر، أن أكون بدون عنوان، أن أعود، إلى المكان الذي لا يعرفني به سوى واحدة، أشعر بها..

أن أعود إلى المرة الأولى التي بها أشعر بيدي، إلى المرة الأولى التي تغمز بها عيني وتتحرك شفتاي، وتركل قدمي حائط، هنا ليس لكل ما أعرفه الآن داعي، هنا أنا أتقلب وأنام وأغفو متى ما شئت، هنا محمول لحين، لا جوع ولا عطش..

ثم لحين أن أخطئ خطأي الأول، حين يعلو صوتي بكاء في وجهها، حين أعضها بأسناني، حين أسقط من محاولتي للمشي فأجرح قدمي، حين بخفة أسقط أثرية صنعتها من الفخار، أو بعداوة أشخبط على حائط منزلها، وأكذب بشأن من فعلها، حينما المسكينة تسهر على حمى التقطتها من عدم سماعي لها وهي تخبرني بأن آخذ معطفي معي للخارج، وحين يزداد قلقها بسبب تأخري في العودة من المدرسة، حين تقابلني بغضب فأغضب فأقطاعها عدة ليالي، فأكبر وتستلم وأعود وقد مضى زمن فيه كانت تسأل وأنا لا أجيب..

أعود طفلًا، أعوض ما مضى، أخطئ عمدًا لتنهرني، أخطئ عمدًا لتضربني، فلا تنهرني ولا تضربني، أخطئ وأخطئ وأخطئ حتى تضربني بكفها على كفي، فأضحك وتضحك وأبكي، أمازحها فلا تستجيب، أمازحها مرة أخرى فتستجيب، ثم أسألها أن تعطيني مالاً لست بحاجته فتعطيني، ثم تعود إلى ما كانت تفعله، تصفي قمحًا، تخيط إزرًا، أو تقرأ سطرًا، فأقرأ معها ما يصعب، وأعيد عليها ما نسته، فيغدو هذا ما يجمعنا كل مساء، حتى تغفو، فأغلق مصحفها وأرفع مائدة طعامها وأغلق الأنوار كما لو كانت تفعل، كما لو كنت سمحت لها أن تفعل..

أستيقظ، أشم رائحة خبزها للفطير، أنزل إليها لأجدها قد وضعت لي فطيرتين جانبًا، أقبل رأسها ويديها، أسألها عن أمسها ويومها، أساعدها فانقل مائدة طعامها إلى غرفتها، أحمل نصيبي وأعود إلى غرفتي، حتى ينتهي نصيبي قبل أن أصل إليها، فأعود وأتناول الفطور معها..

ثم إلى الصورة الأكبر، إلى أن افتقد تفاصيلها، فافتقدها، فترق عيني وينقبض صدري، وأغدو هائما في الصورة، بلا روح وبلا سكون، حتى أحن لأن تعود البداية، لو لي أن أصنع آلة زمن تعود بي إلى يوم ولادتي كلما وصلت العشرين ، أن أبقى طفلًا لأمي مدى الحياة..


M
Mohammed Majidah

هنا بعد أن أكتب، س أخجل مما كتبت، هنا س أنشر، وس أرجو أن لا يطلع ع ذلك أحد..

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين