صحافية وكاتبة لبنانية - صحافة إجتماعية وفنيّة - مُحررة صحفية - شاعرة غنائية
سلمى- قصة قصيرة
كتبت: غادة مخُّول
سلمى – عنوان قصة وجدانية قصيرة ترمز عن معاناة وظاهرة زواج القاصرات وبيعهنّ في دول العالم.
2018-08-23
قبل مجيئي إلى هذا المكان البعيد، بشرني والدي بأن بإمكاني اصطحاب دميتي إلى بيتنا الجديد، وبأننا لن نبقى لاجئين ومتألمين، ووعدني بألا ينام أحد من أفراد عائلتي بعد اليوم في العراء. عبرتُ له عن سعادتي وقبَّلتُ جبينه. قطَعتُ وعدًا على نفسي بأنني سأجتهد في دراستي، وأصبح يومًا طبيبة..ربما. لكنني لم أدرك كيف أصبحتُ تحت سقف واحد مع كهلٍ لم أتعرف إليه من قبل..منذ اللحظة الأولى التي وقَعَت عيناي عليه، وأنا أشعر بالخوف والاشمئزاز، ولَم يعُد بوسعي التحرر من عالمه الذي هو أشبه بكابوس يسيطر على عقلي وجسدي!..حاولت الهروب، ولكن جميع الأبواب مقفلة، حتى باب الرجاء أمسى مقفلأً، ولا أرى نورًا يتسلل من خلال النوافذ. وحيدة أقبع بين الجدران خاضعة لذّل أوامره. تلاشت جميع أحلامي أمام هذا العجوز الغريب والضخم الذي لا يشبه جدي ولا أبي، يتناول أدويته بانتظام ويأكل بشراهة غير آبه بوجودي. وجهه لا يعكس حنان الأب أو أية عاطفة إنسانية أخرى. يجبرني على ممارسة أمور غريبة لا أعلم بدايتها ولا نهايتها. ثم يقول لي إنه يريد أطفالاً مني، لكنني لم أفهم بعد، كيف لطفلة مثلي أن تأتي له بأطفال آخرين؟..إن عناده لا يمكنني احتامله..أجلس خلفه دون أن يشعر، وأتأمله في نفسي: هل يمكنني التحرر منه؟!..أحدق به وتنتابني مشاعر متأججة من الكراهية..كيف لي أن أكره؟ صغيرة أنا على الكراهية والحقد!..أحاسيس متضاربة تتصاعد بصمت..كلها أشياء تحدث للمرة الأولى في حياتي. كيف لي أن أنادي عجوزًا موغلاً في الظلم ” زوجي ” متظاهرة بأنني امرأة ناضجة بعد أن جرّدني من طفولتي رغمًا عني وتحولتُ إلى جثة هامدة غابت عنها كل ملامح البراءة؟..وما معنى كلمة “زوج”؟..أستيقظ كل صباح منزعجة على صوته الذي يُصارعني قائلاً: هاتِ قهوتي الآن!..وعلى الرغم من الآلام التي تنخر مفاصل جسدي النحيل كل يوم، تحملني قدماي إلى زاوية في المطبخ لأجهز له طلبه. أشعل النار، فيتحرك بركان أعماقي، أنتظر الوقت..ينطفىء عمري..وتبدأ القهوة بالغليان...
صحافية وكاتبة لبنانية - صحافة إجتماعية وفنيّة - مُحررة صحفية - شاعرة غنائية