Oktob
مدونين جددالأكثر مشاهدةأحدث المقالات
ع

محاسب مالي، كاتب ومترجم، معلق صوتي، مطور مواقع وخبير ووردبريس

مدة القراءة: دقيقة واحدة

بَنْك "بايسيرا" يعترف: الشعبُ الجزائريّ شعبٌ عظيم

بنك "بايسيرا" الذي ذاع صِيتُه خلال فترةٍ وجِيزَة، من خلال اعتمادِه استراتيجية تسويق ذكية، حيث يوفّر البنك بطاقات فيزا تصل مدة صلاحيّتِها إلى أربع سنوات وبتكاليف ورسوم تكاد تكون معدومة، مقارنة بباقي البنوك، ولا سِيَما البنوك المحليّة الجزائرية الخاصة، أو الحكوميّةِ منها.

بطاقةُ فيزَا لأربعِ سنواتٍ وبـمبلغِ 3 أورو فقط، برسومٍ سنويّةٍ تقدّرُ بـ 18 أورو مقابِلَ الخدمة، مع حسابٍ جاري بنكيٍّ حقيقيٍّ ورقْمِIBAN حقيقيٍّ أيضا، بخطواتٍ بسيطةٍ عبر الإنترنت لفتحِ الحساب وتفعيله.

إنها فعلا مُبهرة، إنّها المخرجُ بالنسبةِ لنا كجزائريّين، إنه حلمٌ قد تحقَّق، في ظلّ تعسّفِ الإدارةِ عندنا، والتكاليفِ الباهظة، والتي قد تصلُ إلى 200 ألفِ دينارٍ جزائريّ مقابلَ بطاقةِ فيزا لمدّةِ عامٍ واحد، قابلٍ للتّجدِيد، زدْ عليها ملفًّا كاملاً يحوِي شهادَةَ عملٍ وكشْفٍ للرّاتبِ و....و.... إلخ، ناهيك عن الرُّسُومِ والاقتطاعاتِ التي تَقْصِمُ الظّهر.

وماهي إلا أيامٌ حتّى يعلن بنكُ "بايسيرا" أنّ ثاني زبونٍ لها بعد البلد المحلي هو الجزائر، نعم يا سادَة، إنّنا نَحْن.

في تلك المرحلةِ كنت أنا شخصيا قد فتحتُ حسابًا بالموقع، وأسرعتُ في ذلك، لأنني كنت على يقين من خلال تجاربي السابقةِ في المجالْ، أنّ مآل الحَالْ .... إلى زوالْ.

هل عندكم شكٌّ أيّها النّاس؟ إنها ليست الأولى، فقبلها... بنك بايونير ونتلر ...يتخلّيان عن الجزائر.

أمّا بنك ""Mychoice فقد علّق جميع حسابات الجزائريين وحَجَزَ المبالغ التي فيها، ربما ليُغطِّيَ خسارتَه و عجزه الماليّ.

إننا شعبٌ عظيم أيّها السادة، إنّنا عل خطًى ثابتة نحو "التقدّم إلى الوراء"، فقد كنّا على شفا حفرة –بعد نتلر والبقيّة- واليوم - الحمدُ لله- أضَفْنَا خطوةً إلى الأمام.


"بايسيرا" تٌعلن: يا جزائريين.. نَفِذ المَخزونُ من البطاقات...فأين العائِدات؟

قد يعتزم هذا البنك تحويل نشاطه إلى البحث العلمي و الاستكشاف، وذلك بإرسال مجموعة باحثين -يقومون أولا بالإمضاء على وثيقة تثبت أنهم لم يُجبَروا على القيام بهذه المُهِمَّة -لدِراسَة جِينَات هذا الشّعب العظيم، و سيكولوجيته، وطريقة تفكيره المُتعطِّشِ للاستِهْلاك اللاَّمَشْرُوط –طبعا-، فقد يكتشفون أشياءَ قد تداوي حَيْرتَهُم و سببًا يُبْطِل عَجَبَهُم، فقد يطّلعون على حال الطّبقة المثقّفة فينا –مثلا-، فيجدون أنهم يُضرِبون في الجامعة من أجل المطالبة بتحسين نوعيّة الأكل و الإطعام و الإقامة، و لا يفعَلُون ذلك من أجل المطالبة بتوفير الكتب في المكتبة، و زيادة مدّة عملِها، وساعات استقبال الطلبة فيها، كما ذَكَرَ ذلك الدكتور خالد عبد السلام "قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا جامعة سَطِيف(1) 2".

شعب يستهلك بحُرقة

أوّل ما بدأ به بنك "بايسيرا" لما رأى الأعدادَ الهائلة من الطّلبَاتِ على البطاقة من بلدٍ لا يَعرِفُ عن مقوِّمَاتِه –ربما الشيء الكثير-، بدأ بفرض التحقق من الهوية عبر محادثة "السكايبي" " Skype"، فقد فُوجِئُوا واحْتَارُوا، وفي ظنّي أنهم أرادوا على الأقل الاطّلاع على وجوهِ هذا الشعب العظيم عبر الفيديو- والذي أثبت عظمته من خلال إجبار إدارة البنك, على إضافة عبارةٍ في صفحة تكاليف بطاقة الفيزا على موقعهم الرسمي، وهي عبارة (100 أورو للجزائر)، مقابل 30 أورو لباقي بلدان العالم، نعم... الجزائر فقط من دون العالم كله.

أَلَسْنَا شعبًا عظيما؟

هذي البداية ... "وْمَازَالْ... مَازَالْ" -عامّيّة جزائريّة-

إنّها بدايةُ سلسلةِ إجراءاتِ فقط, من طرف البنك، لعلّها تأتي بنتيجة إيجابية، فشعب عظيم كشعبِنا، لا يمكن أبدا أن نتجاهلَه، أو أنْ نقطَع علاقتَنَا معه بسهولة، وربّما يُمَنِّي البنكَ نفسَهُ باستفاقَة البعض ممّن تحصّلوا على تلك البطاقة، ويقوموا بمعاملات بنكية ومصرفية، تساعد البنك على تغطية خسائرَ وشيكة قد تعصف بمصالحه وبكيانِه.

لكنّهم لا يعلَمُونَ أنّ شعباً عظيماً كهذا لهُ بعدُ نَظَر، ولا يُمكِنُ الاستهانة به أو الاستخفافِ بقٌدُرَاتِه الذّهنيَّة، فالكثير ممّنْ تَحصَّلَ على تلك البطاقة، كان دافِعُه، إظهارُها عند نقطةِ التفتيش الخاصة بالجمارك، على مستوى المطار عند السفر إلى الخارج، والشيء الوحيد الذي يهمّه في البطاقة تلك، هو تاريخ نهاية صلاحيتها – 4 سنوات- فيالها من عظمة, و الكثير أيضا له شغف و نقص حنان و عاطفة, فبمجرد أن تصله البطاقة إلى غاية باب منزله , و بعنوان أوروبي, يحس بإشباع عاطفي, و يقول في نفسه –بعد أن يخبره ساعي البريد بوصول بريد بإسمه من "ليتوانيا"- إذًا أنَا مَوْجُود !

ثم ينتشر الخبر بين أصدقائه, و عبر المنتديات في مضوع متكرّر " وصول بطاقتي من بنك بايسيرا إلى غاية باب منزلي- و يبدأ باستقبال التهاني و التبريكات, فيتصلُ به الصّديق, يريد أن يعرف كيف فعلَ ذلك, فيتملَّكُه فضولٌ بعد ذُهُول, من صديقه الذي اعتَقَدَ طُولَ الوقتِ أنَّه "بَهلُولْ", فإذا به تَصِلُهُ بطاقةٌ من بنكٍ أوروبيٍّ إلى منزلِه " على طول", يا "لِلْهُولْ".

فيجيب نفسه بثقة رافعا التحدّي, مُلَملِمًا جِرَاحَه, عازما على بلوغ مصافِّ الكِبَار, و استردادِ ما هُدِرَ مِن كرامتِه : أنا أيضا يمكنني فعل ذلك.

وهكذا يستمرُّ المسلسل... مسلسل "عَانَدْ وْمَاتَحْسَدْ" (2)

لِمَ لَمْ نتعلّم من تجاربنا السابقة، كان "نترلر" و "بايونير" و كان "mychoice", وربما القادم "باسيرا" و" بايبال" و "سكريل" " skrill " و البقيّة, ثم نُصبِحُ في عُزلَةٍ عن العالَم, و الكلُّ سيعلَمُ ويُدرِكُ مدى عظمة هذا الشعب الفريد من نوعه, بعدها سنَظلُّ نتباكى على كل ذلك في ما بيننا : ... صَدِيقِي .. حَقْرُونَا (3)...


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مدينة في شرق الجزائر تسمى بعاصمة الهضاب.

(2)  مثلٌ شعبيّ جزائريّ معناه : قلِّد بَدَلَ أن تَحسِد.

(3) إستضعفونا وظلمونا.


ع

محاسب مالي، كاتب ومترجم، معلق صوتي، مطور مواقع وخبير ووردبريس

المزيد من الكاتب

هذه التدوينة كتبت باستخدام أكتب

منصة تدوين عربية تعتمد مبدأ البساطة في تصميم والتدوين