والناظر بعمق إلي الحياة من حوله يدرك أن الحياة ما هي إلا حقائق مستترة وغائبة تحيط بها من الخارج خيالات وخرافات لا تمت إلي الواقع بصلة ولكنها قد ثبت حضورها وسطوتها في أعراف الناس ومعتقداتهم..

خذ عندك مثلا كلمة الصداقة و ما يتبعها من مشتقات كالصديق وغيره, ما معناها وما الشروط التي إن توافرت في احدهم يقال له صديق وان غابت عن احدهم كان العكس..

والحق انك إن سالت الناس عن مرادف كلمة صديق لا تجد إلا إجابة واحدة مستهلكة  قد سبق أن رددناها كثيرا في فصول الدراسة وخاصة في الصف السادس الابتدائي في قصة الصديقان والدب  ألا وهي أن الصديق الحق هو الذي يقف يجانب صديقه وقت الشدة فهل هذا التعريف تام  يكفي ولا نحتاج إلي القول بعده أم انه لم يبلغ من الصواب إلا القليل ؟؟ دعنا نري ..

أولا :هل الصديق الذي يقف بجانب صديقه وقت الشدة وفقط ولا نراه في مواضع أخري غير الشدة ؟؟

ثانيا : وهل الشدة المعنية بالكلام هي شدة في الجانبين أم شدة في جانب واحد وان كانت كذلك ففي أي الجانبين تقع ؟؟

والحق أني ومن خلال تلك السنين التي مرت بي والتي تقلبت فيها علي كثير من الأحوال وتعرفت فيها علي كثير من الأشخاص في مجال الدراسة والعمل والحياة اليومية أؤكد أن الصديق الحق هو الذي يتجرد من كل شعور في ذاته ليصل بنفسه إلي المعاني التي يحس بها صديقه ويشعر بها ليؤازره ويسانده ويقدم له يد العون والمساعدة  .. ولعل خير مثلا علي صحة كلامي هذا هو خير صديق لخير بشر قد وطئ الثري ,, الصديق الذي اختاره الله من فوق سبع سموات ليكون لنبيه الصديق والصديق_بالكسر_ والمرافق والمؤازر ألا وهو أبو بكر الصديق _رضي الله عنه _..

ولعل من أروع ما قرأت في صداقة أبا بكر الصديق_رضي الله عنه_  لنبينا محمد _صلي الله عليه وسلم _ انه حين كان فتح مكة وجاء أبا قحافة والد أبا بكر ليسلم بين يدي النبي قال أبا بكر لرسول الله _صلي الله عليه وسلم _ : وددت لو كان أبا طالب مكانه يا رسول الله   لمعرفة أبا بكر أنا رسول الله كان يتمني من أعماقه أسلام عمه أبا طالب الذي دافع عنه وسانده .

فالصداقة هي الحب والوفاء والإخلاص ,, الصداقة هي الكلمة التي تندرج تحتها كل صفات الجمال وكل مكارم الأخلاق ,, الصداقة أن تشعر أن علي ظهر الأرض من هو منك وأنت منه ,, جزء منك ولكنه منفرد عنك ,,ألصداقه أن تبتسم ابتسامة الوداع وفي القلب جرح الفراق ,, الصداقة أن تتلاشي كل هموم الدنيا و أتراحها  في  حضرت الحبيب وابتسامته ,,الصداقة أن تفضي بما عندك وأنت تعلم أن سرك مصان وان دمائه لن تراق ,, الصداقة هي الشعور بالوحدة في غياب الصديق وان تجمع حولك ألاف البشر ,, الصداقة هي الشي الذي تجتاز به كل دروب الحياة وصعوباتها وبدونه لن تفعل ,, الصداقة هي كل شي ,, الصداقة هي الحياة ..

لذا فانني من هؤلاء الذين يرفضون اختزال الصداقة في معني واحد حتي وان كان ذلك المعني جيد وعظيم ولكنه ليس كاف ,, فالصداقة كالحب لكل حال لها معني ولكل موضع لها تعريف ,, لها ألاف الأرواح وان اتحد جسدها و ألاف الصور وان توافق وجهها ..

فكما أن فكرة اختيار الصديق فكرة شائكة وصعبه  يلزم فيها التيقظ والاختيار الدقيق , فان تحمل مسؤلية الصداقة أصعب يلزم فيها  تقبل الصديق وتفهمه لذا فتفهموا  أصدقاءكم فلا خاب من حاول ..